٢١٤٥ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ السُّوَائِيَّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ صَلَاةَ الصُّبْحِ , فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ إِذَا رَجُلَانِ جَالِسَانِ فِي مُؤَخَّرِ الْمَسْجِدِ فَأُتِيَ بِهِمَا تُرْعَدُ فَرَائِصُهُمَا , فَقَالَ: «مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا؟» فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللهِ , صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا , قَالَ: " فَلَا تَفْعَلَا , إِذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا , ثُمَّ أَتَيْتُمَا النَّاسَ وَهُمْ يُصَلُّونَ , فَصَلِّيَا مَعَهُمْ , فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ أَوْ قَالَ: تَطَوُّعٌ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى هَذِهِ الْآثَارِ , فَقَالُوا: إِذَا صَلَّى الرَّجُلُ فِي بَيْتِهِ صَلَاةً مَكْتُوبَةً , أَيَّ صَلَاةٍ كَانَتْ , ثُمَّ جَاءَ الْمَسْجِدَ فَوَجَدَ النَّاسَ وَهُمْ يُصَلُّونَ , صَلَّاهَا مَعَهُمْ. ⦗٣٦٤⦘ وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ , فَقَالُوا: كُلُّ صَلَاةٍ يَجُوزُ التَّطَوُّعُ بَعْدَهَا , فَلَا بَأْسَ أَنْ يُفْعَلَ فِيهَا مَا ذَكَرْتُمْ مِنْ صَلَاتِهِ إِيَّاهَا مَعَ الْإِمَامِ , عَلَى أَنَّهَا نَافِلَةٌ لَهُ , غَيْرَ الْمَغْرِبِ , فَإِنَّهُمْ كَرِهُوا أَنْ تُعَادَ ; لِأَنَّهَا إِنْ أُعِيدَتْ , كَانَتْ تَطَوُّعًا , وَالتَّطَوُّعُ لَا يَكُونُ وِتْرًا , إِنَّمَا يَكُونُ شَفْعًا. وَكُلُّ صَلَاةٍ لَا يَجُوزُ التَّطَوُّعُ بَعْدَهَا , فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُعِيدَهَا مَعَ الْإِمَامِ , لِأَنَّهَا تَكُونُ تَطَوُّعًا فِي وَقْتٍ لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّطَوُّعُ. وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِمَا قَدْ تَوَاتَرَتْ بِهِ الرِّوَايَاتُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فِي نَهْيِهِ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ , وَبَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ. وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ بِأَسَانِيدِهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا , فَذَلِكَ عِنْدَهُمْ نَاسِخٌ لِمَا رَوَيْنَاهُ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ. وَقَالُوا: إِنَّهُ لَمَّا بَيَّنَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ الْأُوَلِ , فَقَالَ: " فَصَلُّوهَا فَإِنَّهَا لَكُمْ نَافِلَةٌ أَوْ قَالَ: تَطَوُّعٌ «وَنَهَى عَنِ التَّطَوُّعِ فِي هَذِهِ الْآثَارِ الْأُخَرِ , وَأُجْمِعَ عَلَى اسْتِعْمَالِهَا كَانَ ذَلِكَ دَاخِلًا فِيهَا , نَاسِخًا لِمَا قَدْ تَقَدَّمَهُ مِمَّا قَدْ خَالَفَهُ. وَمِنْ تِلْكَ الْآثَارِ مَا لَمْ يَقُلْ فِيهِ» فَإِنَّهَا لَكُمْ تَطَوُّعٌ " فَذَلِكَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ مَعْنَى هَذَا الَّذِي بَيَّنَ فِيهِ فَقَالَ: «فَإِنَّهَا لَكُمْ تَطَوُّعٌ» وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ , كَانَ فِي وَقْتٍ كَانُوا يُصَلُّونَ فِيهِ الْفَرِيضَةَ مَرَّتَيْنِ فَيَكُونَانِ جَمِيعًا فَرِيضَتَيْنِ , ثُمَّ نُهُوا عَنْ ذَلِكَ. فَعَلَى أَيِّ الْأَمْرَيْنِ كَانَ , فَإِنَّهُ قَدْ نَسَخَهُ مَا قَدْ ذَكَرْنَا. وَمِمَّنْ قَالَ: بِأَنَّهُ لَا يُعَادُ مِنَ الصَّلَوَاتِ إِلَّا الظُّهْرُ , وَالْعِشَاءُ الْآخِرَةُ , أَبُو حَنِيفَةَ , وَأَبُو يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى. وَقَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ , عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ