٢٣٠٥ - حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ , قَالَ: ثنا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ , قَالَ: ثنا مُلَازِمُ بْنُ عَمْرٍو , قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَدْرِ السُّحَيْمِيُّ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَ السُّحَيْمِيِّ , عَنْ أَبِيهِ وَكَانَ أَحَدَ الْوَفْدِ , قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَضَى صَلَاتَهُ وَرَجُلٌ فَرْدٌ يُصَلِّي خَلْفَ الصَّفِّ فَقَامَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى قَضَى صَلَاتَهُ ثُمَّ قَالَ: «اسْتَقْبِلْ صَلَاتَكَ , فَلَا صَلَاةَ لِفَرْدٍ خَلْفَ الصَّفِّ» فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ مَنْ صَلَّى خَلْفَ صَفٍّ مُنْفَرِدًا , فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِهَذِهِ الْآثَارِ. وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ , فَقَالُوا: مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَسَاءَ , وَصَلَاتُهُ مُجْزِئَةٌ عَنْهُ وَقَالُوا: لَيْسَ فِي هَذِهِ الْآثَارِ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ مَا قُلْنَا. وَذَلِكَ أَنَّكُمْ رَوَيْتُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ الَّذِي صَلَّى خَلْفَ الصَّفِّ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَمَرَهُ بِذَلِكَ , لِأَنَّهُ صَلَّى خَلْفَ الصَّفِّ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَمَرَهُ بِذَلِكَ , لِمَعْنًى آخَرَ كَمَا أَمَرَ الَّذِي دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ , ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَهَا حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ مِرَارًا فِي حَدِيثِ رِفَاعَةَ , وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا. فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ , لِأَنَّهُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى وَلَكِنَّهُ لِمَعْنًى آخَرَ غَيْرَ ذَلِكَ , وَهُوَ تَرْكُهُ إِصَابَةَ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ. فَيَحْتَمِلُ أَيْضًا مَا رَوَيْتُمْ مِنْ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلَ الَّذِي صَلَّى خَلْفَ الصَّفِّ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ , لَا لِأَنَّهُ صَلَّى خَلْفَ الصَّفِّ , وَلَكِنْ لِمَعْنًى آخَرَ كَانَ مِنْهُ فِي الصَّلَاةِ. وَفِي حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَ مَعْنًى زَائِدٌ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي فِي حَدِيثِ وَابِصَةَ , وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: صَلَّيْنَا خَلْفَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَضَى صَلَاتَهُ , وَرَجُلٌ فَرْدٌ يُصَلِّي خَلْفَ الصَّفِّ , فَقَامَ عَلَيْهِ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى قَضَى صَلَاتَهُ ثُمَّ قَالَ: «اسْتَقْبِلْ فَإِنَّهُ لَا صَلَاةَ لِفَرْدٍ خَلْفَ الصَّفِّ» , قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ وَقَالَ: «لَا صَلَاةَ لِفَرْدٍ خَلْفَ الصَّفِّ» فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَمْرُهُ إِيَّاهُ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ كَانَ لِلْمَعْنَى الَّذِي وَصَفْنَا فِي مَعْنَى حَدِيثِ وَابِصَةَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: «لَا صَلَاةَ لِفَرْدٍ خَلْفَ الصَّفِّ» فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ: «لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يُسَمِّ» وَكَالْحَدِيثِ الْآخَرِ «لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ» وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ إِذَا صَلَّى كَذَلِكَ , كَانَ فِي حُكْمِ مَنْ لَمْ يُصَلِّ , وَلَكِنَّهُ قَدْ صَلَّى صَلَاةً تُجْزِئُهُ , وَلَكِنَّهَا لَيْسَتْ بِمُتَكَامِلَةِ الْأَسْبَابِ فِي الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ , لِأَنَّ مِنْ سُنَّةِ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ , اتِّصَالُ الصُّفُوفِ , وَسَدُّ الْفُرَجِ , هَكَذَا يَنْبَغِي لِلْمُصَلِّي خَلْفَ الْإِمَامِ أَنْ يَفْعَلَ , فَإِنْ قَصَّرَ ⦗٣٩٥⦘ عَنْ ذَلِكَ فَقَدْ أَسَاءَ وَصَلَاتُهُ تُجْزِئُهُ وَلَكِنَّهَا لَيْسَتْ بِالصَّلَاةِ الْمُتَكَامِلَةِ فِي فَرَائِضِهَا وَسُنَنِهَا , فَقِيلَ لِذَلِكَ لَا صَلَاةَ لَهُ أَيْ لَا صَلَاةَ لَهُ مُتَكَامِلَةً , كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِالَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ , وَلَكِنِ الْمِسْكِينُ الَّذِي لَا يُعْرَفُ فَيُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ , وَلَا يَسْأَلُ النَّاسَ» , فَكَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ «لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِالَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَتَانِ» إِنَّمَا مَعْنَاهُ: لَيْسَ هُوَ بِالْمِسْكِينِ الْمُتَكَامِلِ فِي الْمَسْكَنَةِ , إِذْ هُوَ يَسْأَلُ فَيُعْطَى مَا يَقُوتُهُ وَيُوَارِي عَوْرَتَهُ. وَلَكِنِ الْمِسْكِينُ الَّذِي لَا يَسْأَلُ النَّاسَ وَلَا يَعْرِفُونَهُ فَيَتَصَدَّقُونَ. فَنُفِيَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ , مَنْ كَانَ مِسْكِينًا غَيْرَ مُتَكَامِلِ أَسْبَابِ الْمَسْكَنَةِ , أَنْ يَكُونَ مِسْكِينًا. فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَيْضًا إِنَّمَا نُفِيَ بِقَوْلِهِ «لَا صَلَاةَ لِمَنْ صَلَّى خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ» مَنْ صَلَّى خَلْفَ الصَّفِّ أَنْ يَكُونَ مُصَلِّيًا , لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَكَامِلِ أَسْبَابِ الصَّلَاةِ , وَهُوَ قَدْ صَلَّى صَلَاةً تُجْزِئُهُ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَهَلْ تَجِدُونَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا شَيْئًا يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْتُمْ؟ . قِيلَ لَهُ: نَعَمْ