٢٣٦٠ - مَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ , قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ , عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ , عَنْ عَمْرٍو , قَالَ: أَخْبَرَنِي جَابِرٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: «أَنَّ مُعَاذًا كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِشَاءَ , ثُمَّ يَنْصَرِفُ إِلَى قَوْمِهِ فَيُصَلِّيَهَا بِهِمْ , هِيَ لَهُ تَطَوُّعٌ , وَلَهُمْ فَرِيضَةٌ» فَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ لِلْآخَرِينَ عَلَيْهِمْ , أَنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ , عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ , كَمَا رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ , وَجَاءَ بِهِ تَامًّا , وَسَاقَهُ أَحْسَنَ مِنْ سِيَاقِ ابْنِ جُرَيْجٍ , غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ فِيهِ , هَذَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ «هِيَ لَهُ تَطَوُّعٌ , وَلَهُمْ فَرِيضَةٌ» . فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ جُرَيْجٍ , وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوْلِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ , وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوْلِ جَابِرٍ. فَمِنْ أَيِّ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ كَانَ الْقَوْلُ , فَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى حَقِيقَةِ فِعْلِ مُعَاذٍ أَنَّهُ كَذَلِكَ , أَمْ لَا , لِأَنَّهُمْ لَمْ يَحْكُوا ذَلِكَ عَنْ مُعَاذٍ , إِنَّمَا قَالُوا قَوْلًا , عَلَى أَنَّهُ عِنْدَهُمْ كَذَلِكَ , وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي الْحَقِيقَةِ بِخِلَافِ ذَلِكَ. وَلَوْ ثَبَتَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ مُعَاذٍ , لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ أَنَّهُ كَانَ بِأَمْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ أَخْبَرَهُ بِهِ لَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ أَوْ غَيْرُهُ. وَهَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا لَمَّا أَخْبَرَهُ رِفَاعَةُ بْنُ رَافِعٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يُجَامِعُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَغْتَسِلُونَ , حَتَّى يُنْزِلُوا. فَقَالَ لَهُمْ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: فَأَخْبَرْتُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ , فَرَضِيَهُ لَكُمْ؟ , قَالَ: لَا , فَلَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حُجَّةً. فَكَذَلِكَ هَذَا الْفِعْلُ , لَوْ ثَبَتَ أَنَّ مُعَاذًا فَعَلَهُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ أَنَّهُ بِأَمْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَدْ رَوَيْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute