٢٦١٠ - مَا حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ , قَالَ: ثنا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ , قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , قَالَ: ثنا عَاصِمٌ , عَنْ أَبِي وَائِلٍ , قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ , وَنَأْمُرُ بِالْحَاجَةِ , فَقَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْحَبَشَةِ وَهُوَ يُصَلِّي , فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ , فَأَخَذَنِي مَا قَدُمَ وَمَا حَدَثَ فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ , قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ , نَزَلَ فِي شَيْءٌ؟ قَالَ: «لَا وَلَكِنَّ اللهَ يُحْدِثُ مِنْ أَمْرِهِ مَا شَاءَ» ⦗٤٥٢⦘
٢٦١١ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الْمُزَنِيُّ , قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ , قَالَ: ثنا سُفْيَانُ , عَنْ عَاصِمٍ , فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ , وَزَادَ «وَأَنَّ مِمَّا أَحْدَثَ قَضَى أَنْ لَا تَتَكَلَّمُوا فِي الصَّلَاةِ» فَقَدْ أَخْبَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ , قَدْ نَسَخَ الْكَلَامَ فِي الصَّلَاةِ , وَلَمْ يَسْتَثْنِ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا. فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى كُلِّ الْكَلَامِ الَّذِي كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ فِي الصَّلَاةِ. فَهَذَا وَجْهُ هَذَا الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ تَصْحِيحِ مَعَانِي الْآثَارِ. وَأَمَّا وَجْهُ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ , فَإِنَّا قَدْ رَأَيْنَا أَشْيَاءَ يَدْخُلُ فِيهَا الْعِبَادُ , تَمْنَعُهُمْ مِنْ أَشْيَاءَ. فَمِنْهَا الصَّلَاةُ تَمْنَعُهُمْ مِنَ الْكَلَامِ وَالْأَفْعَالِ الَّتِي لَا تُفْعَلُ فِيهَا. وَمِنْهَا الصِّيَامُ , يَمْنَعُهُمْ مِنَ الْجِمَاعِ وَالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ. وَمِنْهَا الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ , يَمْنَعَانِهِمْ مِنَ الْجِمَاعِ وَالطِّيبِ وَاللِّبَاسِ وَمِنْهَا الِاعْتِكَافُ , يَمْنَعُهُمْ مِنَ الْجِمَاعِ وَالتَّصَرُّفِ. فَكَانَ مَنْ جَامَعَ فِي صِيَامِهِ أَوْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ نَاسِيًا مُخْتَلَفًا فِي حُكْمِهِ. فَقَوْمٌ يَقُولُونَ: لَا يُخْرِجُهُ ذَلِكَ مِنْ صِيَامِهِ , تَقْلِيدًا لِآثَارٍ رَوَوْهَا. وَقَوْمٌ يَقُولُونَ: قَدْ أَخْرَجَهُ ذَلِكَ مِنْ صِيَامِهِ , وَكُلُّ مَنْ جَامَعَ فِي حَجَّتِهِ أَوْ عُمْرَتِهِ أَوِ اعْتِكَافِهِ , مُتَعَمِّدًا , أَوْ نَاسِيًا فَقَدْ خَرَجَ بِذَلِكَ مِمَّا كَانَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ. فَكَانَ مَا يُخْرِجُهُ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ مُتَعَمِّدًا , فَهُوَ يُخْرِجُهُ مِنْهَا إِذَا فَعَلَهُ غَيْرَ مُتَعَمِّدٍ , وَكَانَ الْكَلَامُ فِي الصَّلَاةِ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ إِذَا كَانَ عَلَى التَّعَمُّدِ كَذَلِكَ. فَالنَّظَرُ، عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ، أَنْ يَكُونَ أَيْضًا , يَقْطَعُهَا إِذَا كَانَ عَلَى السَّهْوِ , وَيَكُونُ حُكْمُ الْكَلَامِ فِيهَا عَلَى الْعَمْدِ وَالسَّهْوِ سَوَاءً , كَمَا كَانَ حُكْمُ الْجِمَاعِ فِي الِاعْتِكَافِ وَالْعُمْرَةِ , عَلَى الْعَمْدِ وَالسَّهْوِ سَوَاءً. فَهَذَا هُوَ النَّظَرُ أَيْضًا فِي هَذَا الْبَابِ , وَقَدْ وَافَقَ مَا صَحَّحْنَا عَلَيْهِ مَعَانِيَ الْآثَارِ , وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٍ , رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى. فَإِنْ سَأَلَ سَائِلٌ عَنِ الْمَعْنَى الَّذِي لَهُ , لَمْ يَأْمُرْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَاوِيَةَ بْنَ الْحَكَمِ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ لَمَّا تَكَلَّمَ فِيهَا. قِيلَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْحُجَّةَ لَمْ تَكُنْ قَامَتْ عِنْدَهُ قَبْلَ ذَلِكَ بِتَحْرِيمِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ , فَلَمْ يَأْمُرْهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ لِذَلِكَ. فَأَمَّا مَنْ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ , بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ , بِنَسْخِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ , فَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ. وَقَدْ يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَدْ أَمَرَهُ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ , وَلَكِنْ لَمْ يُنْقَلْ ذَلِكَ فِي حَدِيثِهِ. ⦗٤٥٣⦘ وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لَمْ يَسْجُدْ يَوْمَ ذِي الْيَدَيْنِ
٢٦١٢ - حَدَّثَنَا بِذَلِكَ، رَبِيعٌ الْمُؤَذِّنُ , قَالَ: ثنا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ بِالْمَدِينَةِ , فَمَا أَخْبَرَنِي أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنَّهُ صَلَّاهُمَا , يَعْنِي سَجْدَةَ السَّهْوِ , يَوْمَ ذِي الْيَدَيْنِ , فَمَعْنَى هَذَا عِنْدَنَا , وَاللهُ أَعْلَمُ , أَنَّهُ إِنَّمَا يَجِبُ سُجُودُ السَّهْوِ فِي الصَّلَاةِ إِذَا فَعَلَ فِيهَا مَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلَ فِيهَا. مِثْلَ الْقِيَامِ مِنَ الْقُعُودِ , أَوِ الْقُعُودِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْقُعُودِ , أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ , مِمَّا لَوْ فُعِلَ عَلَى الْعَمْدِ , كَانَ فَاعِلُهُ مُسِيئًا. فَأَمَّا مَا فُعِلَ فِيهَا , مِمَّا لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ فِيهَا , فَلَيْسَ فِيهِ سُجُودُ السَّهْوِ , وَكَانَ حُكْمُ الصَّلَاةِ يَوْمَ ذِي الْيَدَيْنِ لَا بَأْسَ بِالْكَلَامِ فِيهَا وَالتَّصَرُّفِ فِيهَا. فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ فِيهَا عَلَى السَّهْوِ , وَكَانَ فَاعِلُهُ عَلَى الْعَمْدِ غَيْرَ مُسِيءٍ , كَانَ فَاعِلُهُ عَلَى السَّهْوِ , غَيْرُ وَاجِبٍ سُجُودُ السَّهْوِ. فَهَذَا مَذْهَبُ الَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْجُدْ يَوْمَئِذٍ. وَهَذَا حُجَّةٌ لِأَهْلِ الْمَقَالَةِ الَّتِي بَيَّنَّاهَا فِي هَذَا الْبَابِ. وَكَانَ مَذْهَبُ الَّذِينَ ذَكَرُوا أَنَّهُ سَجَدَ يَوْمَئِذٍ , أَنَّ الْكَلَامَ وَالتَّصَرُّفَ , وَإِنْ كَانَا قَدْ كَانَا مُبَاحَيْنِ فِي الصَّلَاةِ يَوْمَئِذٍ فَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُبَاحِ يَوْمَئِذٍ , أَنْ يُسَلِّمَ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ أَوَانِ السَّلَامِ. فَلَمَّا سَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا سَلَامًا أَرَادَ بِهِ الْخُرُوجَ مِنْهَا , عَلَى أَنَّهُ قَدْ كَانَ أَتَمَّهَا , وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا لَوْ فَعَلَهُ فَاعِلٌ عَلَى الْعَمْدِ , كَانَ مُسِيئًا , لَمَّا فَعَلَهُ عَلَى السَّهْوِ , وَجَبَ فِيهِ سُجُودُ السَّهْوِ. وَهَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ الْمَقَالَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ