٢٧١٤ - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدِ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَدَ شَاةً مَيْتَةً أُعْطِيَتَهَا مَوْلَاةٌ لِمَيْمُونَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا مِنَ الصَّدَقَةِ , فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَّا انْتَفَعْتُمْ بِجِلْدِهَا» قَالُوا: إِنَّهَا مَيْتَةٌ , قَالَ: «إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا» فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الَّذِي حَرُمَ مِنَ الشَّاةِ بِمَوْتِهَا , هُوَ الَّذِي يُرَادُ مِنْهَا لِلْأَكْلِ لَا غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ جُلُودِهَا وَعَصَبِهَا. فَهَذَا وَجْهُ هَذَا الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ الْآثَارِ. وَأَمَّا وَجْهُهُ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ , فَإِنَّا قَدْ رَأَيْنَا الْأَصْلَ الْمُجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَنَّ الْعَصِيرَ لَا بَأْسَ بِشُرْبِهِ , وَالِانْتِفَاعِ بِهِ , مَا لَمْ يَحْدُثْ فِيهِ صِفَاتُ الْخَمْرِ. فَإِذَا حَدَثَتْ فِيهِ صِفَاتُ الْخَمْرِ , حَرُمَ بِذَلِكَ , ثُمَّ لَا يَزَالُ حَرَامٌ كَذَلِكَ حَتَّى تَحْدُثَ فِيهِ صِفَاتُ الْخَلِّ. فَإِذَا حَدَثَتْ فِيهِ صِفَاتُ الْخَلِّ حَلَّ. فَكَانَ يَحِلُّ بِحُدُوثِ الصِّفَةِ , وَيَحْرُمُ بِحُدُوثِ صِفَةٍ غَيْرِهَا , وَإِنْ كَانَ بَدَنًا وَاحِدًا. فَالنَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ جِلْدُ الْمَيْتَةِ , يَحْرُمُ بِحُدُوثِهِ صِفَةُ الْمَوْتِ فِيهِ , وَيَحِلُّ بِحُدُوثِ صِفَةِ الْأَمْتِعَةِ فِيهِ مِنَ الثِّيَابِ وَغَيْرِهَا فِيهِ. وَإِذَا دُبِغَ فَصَارَ كَالْجُلُودِ وَالْأَمْتِعَةِ , فَقَدْ حَدَثَتْ فِيهِ صِفَةُ الْحَلَالِ. فَالنَّظَرُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَنْ يَحِلَّ أَيْضًا بِحُدُوثِ تِلْكَ الصِّفَةِ فِيهِ. وَحُجَّةٌ أُخْرَى: أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لَمَّا أَسْلَمُوا , لَمْ يَأْمُرْهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطَرْحِ نِعَالِهِمْ وَخِفَافِهِمْ وَأَنْطَاعِهِمْ , الَّتِي كَانُوا اتَّخَذُوهَا فِي حَالِ جَاهِلِيَّتِهِمْ , وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ مَيْتَةٍ , أَوْ مِنْ ذَبِيحَةٍ. فَذَبِيحَتُهُمْ حِينَئِذٍ إِنَّمَا كَانَتْ ذَبِيحَةَ أَهْلِ الْأَوْثَانِ , فَهِيَ، فِي حُرْمَتِهَا عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ، كَحُرْمَةِ الْمَيْتَةِ. فَلَمَّا لَمْ يَأْمُرْهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطَرْحِ ذَلِكَ , وَتَرْكِ الِانْتِفَاعِ بِهِ , ثَبَتَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَدْ خَرَجَ مِنْ حُكْمِ الْمَيْتَةِ وَنَجَاسَتِهَا بِالدِّبَاغِ , إِلَى حُكْمِ سَائِرِ الْأَمْتِعَةِ وَطَهَارَتِهَا. وَكَذَلِكَ كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا افْتَتَحُوا بُلْدَانَ الْمُشْرِكِينَ لَا يَأْمُرُهُمْ بِأَنْ يُتَحَامَوْا خِفَافَهُمْ وَنِعَالَهُمْ وَأَنْطَاعَهُمْ وَسَائِرَ جُلُودِهِمْ , فَلَا يَأْخُذُوا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا , بَلْ كَانَ لَا يَمْنَعُهُمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ , فَذَلِكَ دَلِيلٌ أَيْضًا , عَلَى طَهَارَةِ الْجُلُودِ بِالدِّبَاغِ
وَلَقَدْ رُوِيَ فِي هَذَا عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute