٣٠٠٥ - بِمَا حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ , قَالَ: ثنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ قَالَ: ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ , قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلَانِ مِنْ قَوْمِي أَنَّهُمَا أَتَيَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقْسِمُ الصَّدَقَةَ فَسَأَلَاهُ مِنْهَا , فَرَفَعَ الْبَصَرَ وَخَفَضَهُ , فَرَآهُمَا جَلْدَيْنِ قَوِيَّيْنِ، فَقَالَ: «إِنْ شِئْتُمَا فَعَلْتُ , وَلَا حَقَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ , وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ» .
٣٠٠٦ - حَدَّثَنَا يُونُسُ , قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ , قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ , وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ , عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ , فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ.
٣٠٠٧ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ , قَالَ: ثنا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ , قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ , وَهَمَّامٌ , عَنْ هِشَامٍ , فَذَكَرَ بِإِسْنَادَهِ مِثْلَهُ. قَالُوا: فَقَدْ قَالَ لَهُمَا: «لَا حَقَّ فِيهَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ» فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْقَوِيَّ الْمُكْتَسِبَ لَا حَظَّ لَهُ فِي الصَّدَقَةِ , وَلَا تُجْزِئُ مَنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا شَيْئًا. فَالْحُجَّةُ لِلْآخَرِينَ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ: «إِنْ شِئْتُمَا فَعَلْتُ وَلَا حَقَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ» أَيْ إِنَّ غِنَاكُمَا يَخْفَى عَلَيَّ , فَإِنْ كُنْتُمَا غَنِيَّيْنِ , فَلَا حَقَّ لَكُمَا فِيهَا , وَإِنْ شِئْتُمَا فَعَلْتُ , لِأَنِّي لَمْ أَعْلَمْ بِغِنَاكُمَا، فَمُبَاحٌ لِي إِعْطَاؤُكُمَا، وَحَرَامٌ عَلَيْكُمَا أَخْذُ مَا أَعْطَيْتُكُمَا إِنْ كُنْتُمَا تَعْلَمَانِ مِنْ حَقِيقَةِ أُمُورِكُمَا فِي الْغِنَى , خِلَافَ مَا أَرَى مِنْ ظَاهِرِكُمَا الَّذِي اسْتَدْلَلْتُ بِهِ عَلَى فَقْرِكُمَا. فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: «إِنْ شِئْتُمَا فَعَلْتُ، وَلَا حَقَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ» . وَأَمَّا قَوْلُهُ: «وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ» فَذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْقَوِيِّ الْمُكْتَسِبِ مِنْ جَمِيعِ الْجِهَاتِ الَّتِي يَجِبُ الْحَقُّ فِيهَا , فَعَادَ مَعْنَى ذَلِكَ إِلَى مَعْنَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ قَوْلِهِ: «وَلَا لِذِي مِرَّةٍ قَوِيٍّ» . ⦗١٦⦘ وَقَدْ يُقَالُ: فُلَانٌ عَالِمٌ حَقًّا , إِذَا تَكَامَلَتْ فِيهِ الْأَسْبَابُ الَّتِي بِهَا يَكُونُ الرَّجُلُ عَالِمًا , وَلَا يُقَالُ: هُوَ عَالِمٌ حَقًّا , إِذَا كَانَ دُونَ ذَلِكَ , وَإِنْ كَانَ عَالِمًا. فَكَذَلِكَ لَا يُقَالُ: فَقِيرٌ حَقًّا إِلَّا لِمَنْ تَكَامَلَتْ فِيهِ الْأَسْبَابُ الَّتِي يَكُونُ بِهَا الْفَقِيرُ فَقِيرًا , وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا , وَلِهَذَا قَالَ لَهُمَا: «وَلَا حَقَّ فِيهَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ» أَيْ: وَلَا حَقَّ لَهُ فِيهَا , حَتَّى يَكُونَ بِهِ مِنْ أَهْلِهَا حَقًّا , وَهُوَ قَوِيٌّ مُكْتَسِبٌ. وَلَوْلَا أَنَّهُ يَجُوزُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِعْطَاؤُهُ لِلْقَوِيِّ الْمُكْتَسِبِ , إِذَا كَانَ فَقِيرًا , لَمَا قَالَ لَهُمَا: «إِنْ شِئْتُمَا فَعَلْتُ» . وَهَذَا أَوْلَى مَا حُمِلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآثَارُ , لِأَنَّهَا إِنْ حُمِلَتْ عَلَى مَا حَمَلَهَا عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَقَالَةِ الْأُولَى , ضَادَّتْ سِوَاهَا , مِمَّا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَمِنْ ذَلِكَ