٣٠٣٥ - حَدَّثَنَا فَهْدٌ , قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ , قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي كَثِيرٍ الْأَنْصَارِيُّ , عَنْ عُمَرَ بْنِ نُبَيْهٍ الْكَعْبِيِّ , عَنِ الْمَقْبُرِيِّ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْصَرَفَ مِنَ الصُّبْحِ يَوْمًا , فَأَتَى عَلَى النِّسَاءِ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ: " يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ , مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ بِعُقُولِ ذَوِي الْأَلْبَابِ مِنْكُنَّ , وَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَنَّكُنَّ أَكْثَرُ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ , فَتَقْرَبْنَ إِلَى اللهِ بِمَا اسْتَطَعْتُنَّ. وَكَانَ فِي النِّسَاءِ امْرَأَةُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا , فَانْقَلَبَتْ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَأَخْبَرَتْهُ بِمَا سَمِعَتْ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخَذَتْ حُلِيًّا لَهَا. فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَيْنَ تَذْهَبِينَ بِهَذَا الْحُلِيِّ؟ فَقَالَتْ: أَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللهِ وَإِلَى رَسُولِهِ , لَعَلَّ اللهَ أَنْ لَا يَجْعَلَنِي مِنْ أَهْلِ النَّارِ. قَالَ: هَلُمِّي بِذَلِكَ وَيْلَكَ تَصَدَّقِي بِهِ عَلَيَّ وَعَلَى وَلَدِي فَقَالَتْ: لَا وَاللهِ , حَتَّى أَذْهَبَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَذَهَبَتْ تَسْتَأْذِنُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ؟ هَذِهِ زَيْنَبُ تَسْتَأْذِنُ , فَقَالَ أَيُّ الزَّيَانِبِ هِيَ؟ قَالُوا: امْرَأَةُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ. فَدَخَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إِنِّي سَمِعْتُ مِنْكَ مَقَالَةً , فَرَجَعْتُ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ فَحَدَّثْتُهُ , فَأَخَذْتُ حُلِيِّي أَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَإِلَيْكَ , رَجَاءَ أَنْ لَا يَجْعَلَنِي اللهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ. ⦗٢٥⦘ فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: تَصَدَّقِي بِهِ عَلَيَّ وَعَلَى بَنِيَّ , فَإِنَّا لَهُ مَوْضِعٌ , فَقُلْتُ لَهُ: حَتَّى أَسْتَأْذِنَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَصَدَّقِي بِهِ عَلَيْهِ وَعَلَى بَنِيهِ , فَإِنَّهُمْ لَهُ مَوْضِعٌ»
٣٠٣٦ - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَكَمِ الْجِيزِيُّ , قَالَ: ثنا عَاصِمِ بْنِ عَلِيٍّ , قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ , قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي عَمْرٍو , عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَبَيَّنَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ , أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ تَصَدَّقِي فِي الصَّدَقَةِ , التَّطَوُّعِ الَّتِي تُكَفِّرُ الذُّنُوبَ. وَفِي حَدِيثِهِ قَالَ " فَجَاءَتْ بِحُلِيٍّ لَهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، خُذْ هَذَا، أَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِلَى رَسُولِهِ. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَصَدَّقِي بِهِ عَلَى عَبْدِ اللهِ، وَعَلَى بَنِيهِ , فَإِنَّهُمْ لَهُ مَوْضِعٌ " فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى الصَّدَقَةِ بِكُلِّ الْحُلِيِّ , وَذَلِكَ مِنَ التَّطَوُّعِ , لَا مِنَ الزَّكَاةِ , لِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا تُوجِبُ الصَّدَقَةَ بِكُلِّ الْمَالِ , وَإِنَّمَا تُوجِبُ الصَّدَقَةَ بِجُزْءٍ مِنْهُ. فَهَذَا أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى فَسَادِ تَأْوِيلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى قَوْلِهِ لِلْحَدِيثِ الْأَوَّلِ. فَقَدْ بَطَلَ بِمَا ذَكَرْنَا , أَنْ يَكُونَ فِي حَدِيثِ زَيْنَبَ مَا يَدُلُّ أَنَّ الْمَرْأَةَ تُعْطِي زَوْجَهَا مِنْ زَكَاةِ مَالِهَا إِذَا كَانَ فَقِيرًا. وَإِنَّمَا نَلْتَمِسُ حُكْمَ ذَلِكَ بَعْدُ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ وَشَوَاهِدِ الْأُصُولِ , فَاعْتَبَرْنَا ذَلِكَ , فَوَجَدْنَا الْمَرْأَةَ، بِاتِّفَاقِهِمْ، لَا يُعْطِيهَا زَوْجُهَا مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ , وَإِنْ كَانَتْ فَقِيرَةً , وَلَمْ تَكُنْ فِي ذَلِكَ كَغَيْرِهَا , لِأَنَّا رَأَيْنَا الْأُخْتَ يُعْطِيهَا أَخُوهَا مِنْ زَكَاتِهِ إِذَا كَانَتْ فَقِيرَةً , وَإِنْ كَانَ عَلَى أَخِيهَا أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا , وَلَمْ تَخْرُجْ بِذَلِكَ مِنْ حُكْمِ مَنْ يُعْطَى مِنَ الزَّكَاةِ. فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الَّذِي يَمْنَعُ الزَّوْجَ مِنْ إِعْطَاءِ زَوْجَتِهِ مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ , لَيْسَ هُوَ وُجُوبَ النَّفَقَةِ لَهَا عَلَيْهِ , وَلَكِنَّهُ السَّبَبُ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا , فَصَارَ ذَلِكَ كَالنَّسَبِ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَالِدِيهِ فِي مَنْعِ ذَلِكَ إِيَّاهُ مِنْ إِعْطَائِهِمَا مِنَ الزَّكَاةِ. فَلَمَّا ثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ سَبَبَ الْمَرْأَةِ الَّذِي مَنَعَ زَوْجَهَا أَنْ يُعْطِيَهَا مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ وَإِنْ كَانَتْ فَقِيرَةً , هُوَ كَالسَّبَبِ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَالِدِيهِ الَّذِي يَمْنَعُهُ مِنْ إِعْطَائِهِمَا مِنْ زَكَاتِهِ , وَإِنْ كَانَا فَقِيرَيْنِ , وَرَأَيْنَا الْوَالِدَيْنِ لَا يُعْطِيَانِهِ أَيْضًا مِنْ زَكَاتِهِمَا , إِذَا كَانَ فَقِيرًا , فَكَانَ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَالِدِيهِ مِنَ النَّسَبِ يَمْنَعُهُ مِنْ إِعْطَائِهِمَا مِنَ الزَّكَاةِ , وَيَمْنَعُهُمَا مِنْ إِعْطَائِهِ مِنَ الزَّكَاةِ. فَكَذَلِكَ السَّبَبُ الَّذِي بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْمَرْأَةِ , لَمَّا كَانَ يَمْنَعُهُ مِنْ إِعْطَائِهِمَا مِنَ الزَّكَاةِ , كَانَ أَيْضًا يَمْنَعُهَا مِنْ إِعْطَائِهِ مِنَ الزَّكَاةِ. ⦗٢٦⦘ وَقَدْ رَأَيْنَا هَذَا السَّبَبَ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْمَرْأَةِ يَمْنَعُ مِنْ قَبُولِ شَهَادَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ , فَجُعِلَا فِي ذَلِكَ كَذَوِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ , الَّذِي لَا يَجُوزُ شَهَادَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ. وَرَأَيْنَا أَيْضًا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا , لَا يَرْجِعُ فِيمَا وَهَبَ لِصَاحِبِهِ , فِي قَوْلِ مَنْ يُجِيزُ الرُّجُوعَ فِي الْهِبَةِ فِيمَا بَيْنَ الْقَرِيبِينَ. فَلَمَّا كَانَ الزَّوْجَانِ فِيمَا ذَكَرْنَا , قَدْ جُعِلَا كَذَوِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ فِيمَا مُنِعَ فِيهِ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ , وَمِنَ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ , كَانَا فِي النَّظَرِ أَيْضًا فِي إِعْطَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ مِنَ الزَّكَاةِ كَذَلِكَ. فَهَذَا هُوَ النَّظَرُ فِي هَذَا الْبَابِ , وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى