٣٠٦٦ - حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ الرَّقِّيُّ , قَالَ: ثنا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ , عَنِ ابْنِ عَوْنٍ , عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ , قَالَ: أَرْسَلَ إِلَيَّ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَأَبْطَأْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيَّ فَأَتَيْتُهُ , فَقَالَ إِنْ كُنْتُ أَرَى إِنِّي لَوْ أَمَرْتُكَ أَنْ تَعَضَّ عَلَى حَجَرِ كَذَا وَكَذَا , ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي , لَفَعَلْتُ , أَخْبَرْتُ لَكَ عَمَلًا فَكَرِهْتُهُ، أَوَأَكْتُبُ لَكَ سُنَّةَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؟ قَالَ: قُلْتُ , اكْتُبْ لِي سُنَّةَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. قَالَ: فَكَتَبَ خُذْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ , مِنْ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا , دِرْهَمًا , وَمِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنْ كُلِّ عِشْرِينَ دِرْهَمًا , دِرْهَمًا , وَمِمَّنْ لَا ذِمَّةَ لَهُ , مِنْ كُلِّ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ , دِرْهَمًا. قَالَ: قُلْتُ , مَنْ لَا ذِمَّةَ لَهُ؟ قَالَ: الرُّومُ كَانُوا يَقْدُمُونَ مِنَ الشَّامِ " فَلَمَّا فَعَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ هَذَا بِحَضْرَةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَلَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهِ مِنْهُمْ أَحَدٌ مُنْكِرٌ , كَانَ ذَلِكَ حُجَّةً وَإِجْمَاعًا مِنْهُمْ عَلَيْهِ. فَهَذَا وَجْهُ هَذَا الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ الْآثَارِ. وَأَمَّا وَجْهُهُ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ , فَإِنَّا قَدْ رَأَيْنَاهُمْ , أَنَّهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَبْعَثَ إِلَى أَرْبَابِ الْمَوَاشِي السَّائِمَةِ ⦗٣٣⦘ حَتَّى يَأْخُذَ مِنْهُمْ صَدَقَةَ مَوَاشِيهِمْ إِذَا وَجَبَتْ فِيهَا الصَّدَقَةُ , وَكَذَلِكَ يَفْعَلُ فِي ثِمَارِهِمْ , ثُمَّ يَضَعُ ذَلِكَ فِي مَوَاضِعِ الزَّكَوَاتِ عَلَى مَا أَمَرَهُ بِهِ عَزَّ وَجَلَّ , لَا يَأْبَى ذَلِكَ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. فَالنَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ بَقِيَّةُ الْأَمْوَالِ أَنَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَأَمْوَالَ التِّجَارَاتِ كَذَلِكَ. فَأَمَّا مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ عُشُورٌ» , إِنَّمَا الْعُشُورُ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ". فَعَلَى مَا قَدْ فَسَّرْتُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَقَدْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ يَحْكِي ذَلِكَ , عَنْ أَبِي عُمَرَ الضَّرِيرِ. وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمُ اللهُ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ يَحْيَى بْنِ آدَمَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ عُشُورٌ , إِنَّمَا الْعُشُورُ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى» مَعْنًى غَيْرُ الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَا , وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ بِمُرُورِهِمْ عَلَى الْعَاشِرِ فِي أَمْوَالِهِمْ مَا لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِمْ , لَوْ لَمْ يَمُرُّوا بِهَا عَلَيْهِ , لِأَنَّ عَلَيْهِمُ الزَّكَاةَ عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانُوا عَلَيْهَا. وَالْيَهُودُ وَالنَّصَارَى لَوْ لَمْ يَمُرُّوا بِأَمْوَالِهِمْ عَلَى الْعَاشِرِ , لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِمْ فِيهَا شَيْءٌ. فَالَّذِي رَفَعَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ , هُوَ الَّذِي يُوجِبُهُ الْمُرُورُ بِالْمَالِ عَلَى الْعَاشِرِ , وَلَمْ يُرْفَعْ ذَلِكَ عَنِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى "