للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٠٩١ - حَدَّثَنَا يُونُسُ , قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ , قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ , أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَذْكُرُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «فِيمَا سَقَتِ الْأَنْهَارُ وَالْغَيْمُ الْعُشُورُ , وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّانِيَةِ نِصْفُ الْعُشُورِ» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ مَا ذُكِرَ فِيهَا , وَلَمْ يُقَدِّرْ فِي ذَلِكَ مِقْدَارًا. فَفِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي كُلِّ مَا خَرَجَ مِنَ الْأَرْضِ , قَلَّ أَوْ كَثُرَ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ مِمَّنْ يَذْهَبُ إِلَى قَوْلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ: إِنَّ هَذِهِ الْآثَارَ الَّتِي رَوَيْتَهَا فِي هَذَا الْفَصْلِ , غَيْرُ مُضَادَّةٍ لِلْآثَارِ الَّتِي رَوَيْتَهَا فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ , إِلَّا أَنَّ الْأُولَى مُفَسَّرَةٌ , وَهَذِهِ مُجْمَلَةٌ , فَالْمُفَسَّرُ مِنْ ذَلِكَ أَوْلَى مِنَ الْمُجْمَلِ قِيلَ لَهُ: هَذَا مُحَالٌ , لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ فِي هَذِهِ الْآثَارِ , أَنَّ ذَلِكَ الْوَاجِبَ مِنَ الْعُشْرِ , أَوْ نِصْفِ الْعُشْرِ , فِيمَا يُسْقَى بِالْأَنْهَارِ أَوْ بِالْعُيُونِ أَوْ بِالرِّشَاءِ أَوْ بِالدَّالِيَةِ , فَكَانَ وَجْهُ الْكَلَامِ عَلَى كُلِّ مَا خَرَجَ مِمَّا سُقِيَ بِذَلِكَ. وَقَدْ رَوَيْتُمْ أَنْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَدَّ مَاعِزًا عِنْدَمَا جَاءَ , فَأَقَرَّ عِنْدَهُ بِالزِّنَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ , ثُمَّ رَجَمَهُ بَعْدَ ذَلِكَ «. وَرَوَيْتُمْ» أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأُنَيْسٍ: «اغْدُهْ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا , فَإِنِ اعْتَرَفَتْ , فَارْجُمْهَا» . فَجَعَلْتُمْ هَذَا دَلِيلًا , عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْإِقْرَارِ بِالزِّنَا مَرَّةً وَاحِدَةً , لِأَنَّ ذَلِكَ ظَاهِرُ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» . وَلَمْ تَجْعَلُوا حَدِيثَ مَاعِزٍ الْمُفَسَّرَ , قَاضِيًا عَلَى حَدِيثِ أُنَيْسٍ الْمُجْمَلِ , فَيَكُونُ الِاعْتِرَافُ الْمَذْكُورُ فِي حَدِيثِ أُنَيْسٍ الْمُجْمَلِ , هُوَ الِاعْتِرَافَ الْمَذْكُورَ فِي حَدِيثِ مَاعِزٍ الْمُفَسَّرِ. فَإِذْ كُنْتُمْ قَدْ فَعَلْتُمْ هَذَا فِيمَا ذَكَرْنَا , فَمَا تُنْكِرُونَ عَلَى مَنْ فَعَلَ فِي أَحَادِيثِ الزَّكَوَاتِ مَا وَصَفْنَا , بَلْ حَدِيثُ أُنَيْسٍ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى حَدِيثِ مَاعِزٍ , لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ الِاعْتِرَافَ. وَإِقْرَارُهُ مَرَّةً وَاحِدَةً لَيْسَ هُوَ اعْتِرَافًا بِالزِّنَا الَّذِي يُوجِبُ الْحَدَّ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ مُخَالِفِكُمْ. وَحَدِيثُ مُعَاذٍ وَابْنِ عُمَرَ وَجَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ فِي الزَّكَاةِ , إِنَّمَا فِيهِ ذِكْرُ إِيجَابِهَا فِيمَا سُقِيَ بِكَذَا , وَفِيمَا سُقِيَ بِكَذَا. فَذَلِكَ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ مُضَادًّا لِمَا فِيهِ ذِكْرُ الْأَوْسَاقِ , مِنْ حَدِيثِ أُنَيْسٍ , لِحَدِيثِ مَاعِزٍ. وَقَدْ حُمِلَ حَدِيثُ مُعَاذٍ وَجَابِرٍ وَابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ , عَلَى مَا ذَكَرْنَا , وَذَهَبَ فِي مَعْنَاهُ إِلَى مَا وَصَفْنَا , إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ , وَمُجَاهِدٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>