٣١٠١ - وَذَكَرُوا فِي ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا رَبِيعٌ الْمُؤَذِّنُ , قَالَ: ثنا أَسَدٌ , قَالَ: ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ , قَالَ: ثنا أَبُو الزُّبَيْرِ , عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَهَى عَنِ الْخَرْصِ وَقَالَ أَرَأَيْتُمْ إِنْ هَلَكَ الثَّمَرُ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ مَالَ أَخِيهِ بِالْبَاطِلِ " فَهَذَا وَجْهُ هَذَا الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ الْآثَارِ. وَأَمَّا وَجْهُهُ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ , فَإِنَّا قَدْ رَأَيْنَا الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي أَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةٍ , مِنْهَا: الذَّهَبُ , وَالْفِضَّةُ , وَالثِّمَارُ الَّتِي تُخْرِجُهَا الْأَرْضُ , وَالنَّخْلُ , وَالشَّجَرُ , وَالْمَوَاشِي السَّائِمَةُ. فَكُلٌّ قَدْ أَجْمَعَ أَنَّ رَجُلًا لَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ عَلَى مَالِهِ وَهُوَ ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ , أَوْ مَاشِيَةٌ سَائِمَةٌ , فَسَلَّمَ ذَلِكَ لَهُ الْمُصَدِّقُ , عَلَى مَا لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ الْبَيَّاعَاتُ , أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ لَهُ. أَلَا تَرَى أَنَّ رَجُلًا لَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ فِي دَرَاهِمِهِ الزَّكَاةُ , فَبَاعَ ذَلِكَ مِنْهُ الْمُصَدِّقُ بِذَهَبٍ نَسِيئَةً , أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ. وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَهُ مِنْهُ بِذَهَبٍ , ثُمَّ فَارَقَهُ قَبْلَ أَنْ يُقْبِضَهُ , لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ لَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ فِي مَاشِيَتِهِ الزَّكَاةُ , ثُمَّ سَلَّمَ ذَلِكَ لَهُ الْمُصَدِّقُ , بِبَدَلٍ مَجْهُولٍ , أَوْ بِبَدَلٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجْلٍ مَجْهُولٍ , فَذَلِكَ كُلُّهُ حَرَامٌ غَيْرُ جَائِزٍ. فَكَانَ كُلُّ مَا حَرُمَ فِي الْبَيَّاعَاتِ فِي بَيْعِ النَّاسِ ذَلِكَ , بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ , قَدْ دَخَلَ فِيهِ حُكْمُ الْمُصَدِّقِ فِي بَيْعِهِ إِيَّاهُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ الَّذِي فِيهِ الزَّكَاةُ , الَّتِي يَتَوَلَّى الْمُصَدِّقُ أَخْذَهَا مِنْهُ. فَلَمَّا كَانَ مَا ذَكَرْنَا كَذَلِكَ فِي الْأَمْوَالِ الَّتِي وَصَفْنَا , كَانَ النَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ حُكْمُ الثِّمَارِ. فَكَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ رُطَبٍ بِتَمْرٍ نَسِيئَةً , فِي غَيْرِ مَا فِيهِ الصَّدَقَاتُ , فَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ فِيمَا فِيهِ الصَّدَقَاتُ , فِيمَا بَيْنَ الْمُصَدِّقِ , وَبَيْنَ رَبِّ الْمَالِ. فَهَذَا هُوَ النَّظَرُ أَيْضًا فِي هَذَا الْبَابِ , وَقَدْ عَادَ ذَلِكَ أَيْضًا إِلَى مَا صَرَفْنَا إِلَيْهِ الْآثَارَ الْمَرْوِيَّةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهَا. فَبِذَلِكَ نَأْخُذُ , وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى