للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٤٦ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، قَالَ: ثنا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: «إِذَا خَلَفَ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ»

٣٤٧ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: ثنا: مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ , مِثْلَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَقَدْ ثَبَتَ بِهَذِهِ الْآثَارِ الَّتِي رَوَيْنَاهَا , صِحَّةَ قَوْلِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى وُجُوبِ الْغُسْلِ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ. فَهَذَا وَجْهُ هَذَا الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ الْآثَارِ. وَأَمَّا وَجْهُهُ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ , فَإِنَّا رَأَيْنَاهُمْ لَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ الْجِمَاعَ فِي الْفَرْجِ الَّذِي لَا إِنْزَالَ مَعَهُ حَدَثٌ. فَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ أَغْلَظُ الْأَحْدَاثِ , فَأَوْجَبُوا فِيهِ أَغْلَظَ الطَّهَارَاتِ , وَهُوَ الْغُسْلُ. وَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ كَأَخَفِّ الْأَحْدَاثِ , فَأَوْجَبُوا فِيهِ أَخَفَّ الطَّهَارَاتِ , وَهُوَ الْوُضُوءُ. ⦗٦١⦘ فَأَرَدْنَا أَنْ نَنْظُرَ إِلَى الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ: هَلْ هُوَ أَغْلَظُ الْأَشْيَاءِ فَنُوجِبُ فِيهِ أَغْلَظَ مَا يَجِبُ فِي ذَلِكَ فَوَجَدْنَا أَشْيَاءَ يُوجِبُهَا الْجِمَاعُ , وَهُوَ فَسَادُ الصِّيَامِ وَالْحَجِّ , فَكَانَ ذَلِكَ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إِنْزَالٌ , وَيُوجِبُ ذَلِكَ فِي الْحَجِّ , الدَّمَ , وَقَضَاءَ الْحَجِّ , وَيُوجِبُ فِي الصِّيَامِ , الْقَضَاءَ وَالْكَفَّارَةَ , فِي قَوْلِ مَنْ يُوجِبُهَا. وَلَوْ كَانَ جَامَعَ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ , وَجَبَ عَلَيْهِ فِي الْحَجِّ دَمٌ فَقَطْ , وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ فِي الصِّيَامِ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يُنْزِلَ , وَكُلُّ ذَلِكَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ فِي حَجِّهِ وَصِيَامِهِ , وَكَانَ مَنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ حُدَّ , وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ شُبْهَةٍ , فَسَقَطَ بِهَا الْحَدُّ عَنْهُ , وَجَبَ عَلَيْهِ الْمَهْرُ. وَكَانَ لَوْ جَامَعَهَا فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ , لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ حَدٌّ وَلَا مَهْرٌ , وَلَكِنَّهُ يُعَزَّرُ إِذَا لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ شُبْهَةٌ. وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا تَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ فَجَامَعَهَا جِمَاعًا لَا خَلْوَةَ مَعَهُ فِي الْفَرْجِ ثُمَّ طَلَّقَهَا , كَانَ عَلَيْهِ الْمَهْرُ أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ , وَوَجَبَتْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَأَحَلَّهَا ذَلِكَ لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ. وَلَوْ جَامَعَهَا فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ لَمْ يَجِبْ فِي ذَلِكَ عَلَيْهِ شَيْءٌ , وَكَانَ عَلَيْهِ فِي الطَّلَاقِ نِصْفُ الْمَهْرِ , إِنْ كَانَ سَمَّى لَهَا مَهْرًا , أَوِ الْمُتْعَةُ إِذَا لَمْ يَكُنْ سَمَّى لَهَا مَهْرًا. فَكَانَ يَجِبُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي وَصَفْنَا , الَّتِي لَا إِنْزَالَ مَعَهَا أَغْلَظُ مَا يَجِبُ فِي الْجِمَاعِ الَّذِي مَعَهُ الْإِنْزَالُ , مِنَ الْحُدُودِ وَالْمُهُورِ , وَغَيْرِ ذَلِكَ. فَالنَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ , أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ , هُوَ فِي حُكْمِ الْأَحْدَاثِ , أَغْلَظُ الْأَحْدَاثِ , وَيَجِبُ فِيهِ أَغْلَظُ مَا يَجِبُ فِي الْأَحْدَاثِ , وَهُوَ الْغُسْلُ. وَحُجَّةٌ أُخْرَى فِي ذَلِكَ , أَنَّا رَأَيْنَا هَذِهِ الْأَشْيَاءَ الَّتِي وَجَبَتْ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ , فَإِذَا كَانَ بَعْدَهَا الْإِنْزَالُ لَمْ يَجِبْ بِالْإِنْزَالِ حُكْمٌ ثَانٍ , وَإِنَّمَا الْحُكْمُ لِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ أَلَا تَرَى أَنَّ رَجُلًا لَوْ جَامَعَ امْرَأَةً جِمَاعَ زِنَاءٍ , فَالْتَقَى خِتَانَاهُمَا , وَجَبَ الْحَدُّ عَلَيْهِمَا بِذَلِكَ , وَلَوْ أَقَامَ عَلَيْهِمَا حَتَّى أَنْزَلَ لَمْ يَجِبْ بِذَلِكَ عَلَيْهِ عُقُوبَةٌ , غَيْرُ الْحَدِّ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ , وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْجِمَاعُ عَلَى وَجْهِ شُبْهَةٍ , فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْمَهْرُ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ , ثُمَّ أَقَامَ عَلَيْهَا حَتَّى أَنْزَلَ , لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْإِنْزَالِ شَيْءٌ , بَعْدَمَا وَجَبَ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ وَكَانَ مَا يُحْكَمُ بِهِ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ عَلَى مَنْ جَامَعَ فَأَنْزَلَ , هُوَ مَا يُحْكَمُ بِهِ عَلَيْهِ إِذَا جَامَعَ وَلَمْ يُنْزِلْ , وَكَانَ الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ هُوَ لِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ لَا لِلْإِنْزَالِ الَّذِي يَكُونُ بَعْدَهُ. فَالنَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ , أَنْ يَكُونَ الْغُسْلُ الَّذِي يَجِبُ عَلَى مَنْ جَامَعَ وَأَنْزَلَ , هُوَ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ لَا بِالْإِنْزَالِ الَّذِي يَكُونُ بَعْدَهُ. فَثَبَتَ بِذَلِكَ قَوْلُ الَّذِينَ قَالُوا: إِنَّ الْجِمَاعَ يُوجِبُ الْغُسْلَ , كَانَ مَعَهُ إِنْزَالٌ , أَوْ لَمْ يَكُنْ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٍ , وَعَامَّةِ الْعُلَمَاءِ رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى. وَحُجَّةٌ أُخْرَى فِي ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>