للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٦٣٠ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ , قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ , قَالَ: ثنا شُعْبَةُ , قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ دِينَارٍ , أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا يَقُولُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ وَلْيَشُقَّهُمَا مِنْ عِنْدِ الْكَعْبَيْنِ» فَهَذَا ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا يُخْبِرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلُبْسِ الْخُفَّيْنِ الَّذِي أَبَاحَهُ لِلْمُحْرِمِ كَيْفَ هُوَ وَأَنَّهُ بِخِلَافِ مَا يَلْبَسُ الْحَلَالُ. وَلَمْ يُبَيِّنِ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا فِي حَدِيثِهِ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أُولَاهُمَا. وَإِذَا كَانَ مَا أَبَاحَ لِلْمُحْرِمِ مِنْ لُبْسِ الْخُفَّيْنِ هُوَ بِخِلَافِ مَا يَلْبَسُ الْحَلَالُ فَكَذَلِكَ مَا أَبَاحَ لَهُ مِنْ لُبْسِ السَّرَاوِيلِ هُوَ بِخِلَافِ مَا يَلْبَسُ الْحَلَالُ. فَهَذَا حُكْمُ هَذَا الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ تَصْحِيحِ مَعَانِي الْآثَارِ. وَأَمَّا النَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّا رَأَيْنَاهُمْ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِيمَنْ وَجَدَ إِزَارًا أَنَّ لُبْسَ السَّرَاوِيلِ لَهُ غَيْرُ مُبَاحٍ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ قَدْ مَنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ مَنْ وَجَدَ نَعْلَيْنِ فَحَرَامٌ عَلَيْهِ لُبْسُ الْخُفَّيْنِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ فَأَرَدْنَا أَنْ نَنْظُرَ فِي لُبْسِ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ الضَّرُورَةِ كَيْفَ هُوَ؟ وَهَلْ يُوجِبُ كَفَّارَةً أَوْ لَا يُوجِبُهَا؟ فَاعْتَبَرْنَا ذَلِكَ فَرَأَيْنَا الْإِحْرَامَ يُنْهِي عَنْ أَشْيَاءَ قَدْ كَانَتْ مُبَاحَةً قَبْلَهُ مِنْهَا: لُبْسُ الْقَمِيصِ وَالْعَمَائِمِ وَالْخِفَافِ وَالسَّرَاوِيلَاتِ وَالْبَرَانِسِ. ⦗١٣٦⦘ وَكَانَ مَنِ اضْطُرَّ فَوَجَدَ الْحَرَّ فَغَطَّى رَأْسَهُ وَوَجَدَ الْبَرْدَ فَلَبِسَ ثِيَابُهُ أَنَّهُ قَدْ فَعَلَ مَا هُوَ مُبَاحٌ لَهُ فِعْلُهُ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ مَعَ ذَلِكَ وَحَرُمَ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ أَيْضًا حَلْقُ الرَّأْسِ إِلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ. وَكَانَ مَنْ حَلَقَ رَأْسَهُ مِنْ ضَرُورَةٍ فَقَدْ فَعَلَ مَا هُوَ لَهُ مُبَاحٌ وَالْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ وَاجِبَةٌ. فَكَانَ حَلْقُ الرَّأْسِ لِلْمُحْرِمِ، فِي غَيْرِ حَالِ الضَّرُورَةِ، إِذَا أُبِيحَ فِي حَالِ الضَّرُورَةِ لَمْ يَكُنْ إِبَاحَتُهُ تُسْقِطُ الْكَفَّارَةَ بَلِ الْكَفَّارَةُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَاجِبَةٌ فِي حَالِ الضَّرُورَةِ كَهِيَ فِي غَيْرِ حَالِ الضَّرُورَةِ. وَكَذَلِكَ لُبْسُ الْقَمِيصِ الَّذِي حَرُمَ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ حَالِ الضَّرُورَةِ. فَإِذَا كَانَتِ الضَّرُورَةُ فَأُبِيحَ ذَلِكَ لَهُ لَمْ يَسْقُطْ بِذَلكَ الضَّمَانُ فَكَانَتِ الْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ وَاجِبَةً فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فَلَمْ يَكُنِ الضَّرُورَةُ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا تُسْقِطُ كَفَّارَةً كَانَتْ تَجِبُ فِي شَيْءٍ فِي غَيْرِ حَالِ الضَّرُورَةِ وَإِنَّمَا تُسْقِطُ الْآثَامَ خَاصَّةً. فَكَذَلِكَ الضَّرُورَاتُ فِي لُبْسِ الْخِفَافِ وَالسَّرَاوِيلَاتِ لَا تُوجِبُ سُقُوطَ الْكَفَّارَاتِ الَّتِي كَانَتْ تَجِبُ لَوْ لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الضَّرُورَاتُ وَلَكِنَّهَا تَرْفَعُ الْآثَامَ خَاصَّةً. فَهَذَا هُوَ النَّظَرُ فِي هَذَا الْبَابِ أَيْضًا، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ، رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى

<<  <  ج: ص:  >  >>