للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٦٤٠ - حَدَّثَنَا رَبِيعٌ الْمُؤَذِّنُ قَالَ: ثنا أَسَدٌ قَالَ: ثنا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَطَاءِ بْنِ لَبِيبَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ جَابِرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ فَقَدَّ قَمِيصَهُ مِنْ جَيْبِهِ حَتَّى أَخْرَجَهُ مِنْ رِجْلَيْهِ فَنَظَرَ الْقَوْمُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «إِنِّي أُمِرْتُ بِبُدْنِي الَّتِي بَعَثْتُ بِهَا أَنْ يُقَلَّدَ الْيَوْمَ وَيُشْعَرَ عَلَى كَذَا وَكَذَا فَلَبِسْتُ قَمِيصِي وَنَسِيتُ فَلَمْ أَكُنْ لِأُخْرِجَ قَمِيصِي مِنْ رَأْسِي» وَكَانَ بَعَثَ بِبُدُنِهِ وَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى هَذَا فَقَالُوا: لَا يَنْبَغِي لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَخْلَعَهُ كَمَا يَخْلَعُ الْحَلَالُ قَمِيصَهُ لِأَنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ غَطَّى رَأْسَهُ وَذَلِكَ عَلَيْهِ حَرَامٌ فَأَمَرَ بِشَقِّهِ لِذَلِكَ. وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ فَقَالُوا: بَلْ يَنْزِعُهُ نَزْعًا وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِحَدِيثِ «يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ الَّذِي أَحْرَمَ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهُ أَنْ يَنْزِعَهَا نَزْعًا» وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي بَابِ التَّطْيِيبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ. فَقَدْ خَالَفَ ذَلِكَ حَدِيثُ جَابِرٍ الَّذِي ذَكَرْنَا وَإِسْنَادُهُ أَحْسَنُ مِنْ إِسْنَادِهِ. فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ تَثْبُتُ بِصِحَّةِ الْإِسْنَادِ، فَإِنَّ حَدِيثَ يَعْلَى مَعَهُ مِنْ صِحَّةِ الْإِسْنَادِ مَا لَيْسَ مَعَ حَدِيثِ جَابِرٍ. وَأَمَّا وَجْهُ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ فَإِنَّا رَأَيْنَا الَّذِينَ كَرِهُوا نَزْعَ الْقَمِيصِ إِنَّمَا كَرِهُوا ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُغَطِّي رَأْسَهُ إِذَا نَزَعَ قَمِيصَهُ. فَأَرَدْنَا أَنْ نَنْظُرَ هَلْ يَكُونُ تَغْطِيَةُ الرَّأْسِ فِي الْإِحْرَامِ عَلَى كُلِّ الْجِهَاتِ مَنْهِيًّا عَنْهَا أَمْ لَا؟ فَرَأَيْنَا الْمُحْرِمَ نُهِيَ عَنْ لُبْسِ الْقَلَانِسِ وَالْعَمَائِمِ وَالْبَرَانِسِ فَنُهِيَ أَنْ يُلْبِسَ رَأْسَهُ شَيْئًا كَمَا نُهِيَ أَنْ يُلْبِسَ بَدَنَهُ الْقَمِيصَ. وَرَأَيْنَا الْمُحْرِمَ لَوْ حَمَلَ عَلَى رَأْسِهِ شَيْئًا ثِيَابًا أَوْ غَيْرَهَا لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ بَأْسًا وَلَمْ يَدْخُلْ ذَلِكَ فِيمَا قَدْ نُهِيَ عَنْ تَغْطِيَةِ الرَّأْسِ بِالْقَلَانِسِ وَمَا أَشْبَهَهَا لِأَنَّهُ غَيْرُ لَابِسٍ. فَكَانَ النَّهْيُ إِنَّمَا وَقَعَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى تَغْطِيَةِ مَا يُلْبِسُهُ الرَّأْسَ لَا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُغَطَّى بِهِ. وَكَذَلِكَ الْأَبْدَانُ نُهِيَ عَنْ إِلْبَاسِهَا الْقَمِيصَ وَلَمْ يُنْهَ عَنْ تَحَلِّيهَا بِالْأُزُرِ. ⦗١٣٩⦘ فَلَمَّا كَانَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ النَّهْيُ مِنْ هَذَا فِي الرَّأْسِ إِنَّمَا هُوَ الْإِلْبَاسُ لَا التَّغْطِيَةِ الَّتِي لَيْسَتْ بِإِلْبَاسٍ وَكَانَ إِذَا نَزَعَ قَمِيصَهُ فَلَاقَى ذَلِكَ رَأْسَهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِإِلْبَاسٍ مِنْهُ لِرَأْسِهِ شَيْئًا إِنَّمَا ذَلِكَ تَغْطِيَةٌ مِنْهُ لِرَأْسِهِ. وَقَدْ ثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ النَّهْيَ عَنْ لُبْسِ الْقَلَانِسِ لَمْ يَقَعْ عَلَى تَغْطِيَةِ الرَّأْسِ وَإِنَّمَا وَقَعَ عَلَى إِلْبَاسِ الرَّأْسِ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ مَا يَلْبَسُ فِي حَالِ الْإِحْلَالِ. فَلَمَّا خَرَجَ بِذَلِكَ مَا أَصَابَ الرَّأْسَ مِنَ الْقَمِيصِ الْمَنْزُوعِ مِنْ حَالِ تَغْطِيَةِ الرَّأْسِ الْمُنْهَى عَنْهَا ثَبَتَ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ قِيَاسًا وَنَظَرًا عَلَى مَا ذَكَرْنَا. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى وَقَدِ اخْتَلَفَ الْمُتَقَدِّمُونَ فِي ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>