٣٧٣٢ - مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ , قَالَ: ثنا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ , قَالَ: ثنا وُهَيْبٌ , عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ طَاوُسٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ , مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ قَالَ: وَكَانُوا يُسَمُّونَ الْمُحَرَّمَ صَفَرًا، وَيَقُولُونَ: إِذَا بَرَأَ الدَّبَرْ , وَعَفَا الْأَثَرْ , وَانْسَلَخَ صَفَرْ حَلَّتِ الْعُمْرَةُ لِمَنِ اعْتَمَرْ , فَقَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ صَبِيحَةَ رَابِعِهِ وَهُمْ مُلَبُّونَ بِالْحَجِّ , فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ أَيُّ حِلٍّ نَحِلُّ؟ قَالَ الْحِلُّ كُلُّهُ " فَهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَدْ أَخْبَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا فَسَخَ الْحَجَّ إِلَى الْعُمْرَةِ , لِيُعَلِّمَ النَّاسَ خِلَافَ مَا كَانُوا يَكْرَهُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ , وَلِيَعْلَمُوا أَنَّ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مُبَاحَةٌ , كَهِيَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ ثَبَتَ بِهَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ إِحْرَامَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا كَانَ بِحَجَّةٍ مُفْرَدَةٍ , فَقَدْ خَالَفَ هَذَا مَا رَوَيْتُمْ عَنْهُ مِنْ تَمَتُّعِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقِرَانِهِ قِيلَ لَهُ: مَا فِي هَذَا خِلَافٌ لِذَلِكَ , لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إِحْرَامُهُ أَوَّلًا , كَانَ بِحَجَّةٍ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ فَفَسَخَ ذَلِكَ بِعُمْرَةٍ , ثُمَّ أَقَامَ عَلَيْهَا عَلَى أَنَّهَا عُمْرَةٌ , وَقَدْ عَزَمَ أَنْ يُحْرِمَ بَعْدَهَا بِحَجَّةٍ , فَكَانَ فِي ذَلِكَ مُتَمَتِّعًا , ثُمَّ لَمْ يَطُفْ لِلْعُمْرَةِ حَتَّى أَحْرَمَ بِالْحَجَّةِ , فَصَارَ بِذَلِكَ قَارِنًا فَهَذِهِ وُجُوهُ أَحَادِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَدْ صَحَّتْ وَالْتَأَمَتْ , عَلَى أَنَّ الْقِرَانَ كَانَ قَبْلَهُ التَّمَتُّعُ وَالْإِفْرَادُ , فَلَمْ تَتَضَادَّ إِلَّا أَنَّ فِي قَوْلِهِ «لَوْلَا أَنِّي سُقْتُ الْهَدْيَ لَحَلَلْتُ كَمَا حَلَّ أَصْحَابِي» دَلِيلًا عَلَى أَنَّ سِيَاقَهُ الْهَدْيِ قَدْ كَانَتْ ⦗١٥٩⦘ فِي وَقْتٍ قَدْ أَحْرَمَ فِيهِ بِعُمْرَةٍ , يُرِيدُ بِهَا التَّمَتُّعَ إِلَى الْحَجَّةِ , لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَ ذَلِكَ , لَكَانَ هَدْيُهُ ذَلِكَ تَطَوُّعًا , وَالتَّطَوُّعُ مِنَ الْهَدْيِ غَيْرُ مَانِعٍ مِنَ الْإِحْلَالِ الَّذِي يَكُونُ لَوْ لَمْ يَكُنِ الْهَدْيُ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ إِحْرَامَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَوَّلًا بِعُمْرَةٍ , ثُمَّ أَتْبَعَهَا حَجَّةً , عَلَى السَّبِيلِ الَّذِي ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَلِمَا ثَبَتَ بِمَا وَصَفْنَا إِبَاحَةَ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ , أَرَدْنَا أَنْ نَنْظُرَ , هَلِ الْهَدْيُ الْوَاجِبُ فِي الْقِرَانِ كَانَ لِنُقْصَانٍ دَخَلَ الْعُمْرَةَ , أَوِ الْحَجَّةَ إِذَا قُرِنَتَا أَمْ لَا؟ فَرَأَيْنَا ذَلِكَ الْهَدْيَ يُؤْكَلُ مِنْهُ , وَكَذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute