٣٨٢٠ - بِمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ , عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا , قُرِّبَ إِلَيْهِمْ طَعَامٌ قَالَ: " فَرَأَيْتُ جَفْنَةً كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى عَرَاقِيبِ الْيَعَاقِيبِ , فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَامَ , فَقَامَ مَعَهُ نَاسٌ قَالَ فَقِيلَ: وَاللهِ مَا أَشَرْنَا , وَلَا أَمَرْنَا , وَلَا صِدْنَا فَقِيلَ لِعُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَا قَامَ هَذَا وَمَنْ مَعَهُ إِلَّا كَرَاهِيَةً لِطَعَامِكَ فَدَعَاهُ فَقَالَ: مَا كَرِهْتَ مِنْ هَذَا؟ فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ , وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا "} [المائدة: ٩٦] ثُمَّ انْطَلَقَ قَالَ: فَذَهَبَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِلَى أَنَّ الصَّيْدَ وَلَحْمَهُ حَرَامٌ عَلَى الْمُحْرِمِ قِيلَ لَهُمْ: فَقَدْ خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ , وَعَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا , وَأَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَقَدْ تَوَاتَرَتِ الرِّوَايَاتُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا يُوَافِقُ مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ وَقَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا "} [المائدة: ٩٦] يَحْتَمِلُ مَا حُرِّمَ عَلَيْهِمْ مِنْهُ , هُوَ أَنْ يَصِيدُوهُ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ "} [المائدة: ٩٥] فَنَهَاهُمُ اللهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَنْ قَتْلِ الصَّيْدِ وَأَوْجَبَ عَلَيْهِمُ الْجَزَاءَ فِي قَتْلِهِمْ إِيَّاهُ فَدَلَّ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ الَّذِي حُرِّمَ عَلَى الْمُحْرِمِينَ مِنَ الصَّيْدِ , هُوَ قَتْلُهُ وَقَدْ رَأَيْنَا النَّظَرَ أَيْضًا يَدُلُّ عَلَى هَذَا , وَذَلِكَ أَنَّهُمْ أَجْمَعُوا أَنَّ الصَّيْدَ يُحَرِّمُهُ الْإِحْرَامُ عَلَى الْمُحْرِمِ , وَيُحَرِّمُهُ الْحَرَمُ عَلَى الْحَلَالِ وَكَانَ مَنْ صَادَ صَيْدًا فِي الْحِلِّ فَذَبَحَهُ فِي الْحِلِّ , ثُمَّ أَدْخَلَهُ الْحَرَمَ , فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ إِيَّاهُ فِي الْحَرَمِ وَلَمْ يَكُنْ إِدْخَالُهُ لَحْمَ الصَّيْدِ الْحَرَمَ كَإِدْخَالِهِ الصَّيْدَ نَفْسَهُ وَهُوَ حَيُّ الْحَرَمِ , لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ , لَنَهَى عَنْ إِدْخَالِهِ وَلَصَنَعَ مِنْ أَكْلِهِ إِيَّاهُ فِيهِ كَمَا يُمْنَعُ مِنَ الصَّيْدِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ , وَلَكَانَ إِذَا أَكَلَهُ فِي الْحَرَمِ , وَجَبَ عَلَيْهِ مَا وَجَبَ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ فَلَمَّا كَانَ الْحَرَمُ لَا يَمْنَعُ مِنْ لَحْمِ الصَّيْدِ الَّذِي صِيدَ فِي الْحِلِّ , كَمَا يَمْنَعُ مِنَ الصَّيْدِ الْحَيِّ , كَانَ النَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ ⦗١٧٦⦘ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ الْإِحْرَامُ أَيْضًا , يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ الصَّيْدُ الْحَيُّ , وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ لَحْمُهُ إِذَا تَوَلَّى الْحَلَالُ ذَبْحَهُ , قِيَاسًا , وَنَظَرًا عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ حُكْمِ الْمُحْرِمِ فَهَذَا هُوَ النَّظَرُ فِي هَذَا الْبَابِ , وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute