٣٩٤٥ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ , قَالَ: ثنا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ , قَالَ: ثنا سُفْيَانُ , عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَطَاءٍ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْمُرَ الدِّيلِيِّ , قَالَ: " رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقِفًا بِعَرَفَاتٍ , فَأَقْبَلَ أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ فَسَأَلُوهُ عَنِ الْحَجِّ. فَقَالَ: " الْحَجُّ يَوْمُ عَرَفَةَ , وَمَنْ أَدْرَكَ جَمْعًا قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ , فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ أَيَّامَ مِنًى ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ , أَيَّامَ ⦗٢١٠⦘ التَّشْرِيقِ {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ} [البقرة: ٢٠٣] عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ «ثُمَّ أَرْدَفَ خَلْفَهُ رَجُلًا يُنَادِي بِذَلِكَ»
٣٩٤٦ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ , قَالَ: ثنا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ , قَالَ: ثنا شُعْبَةُ , عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَطَاءٍ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْمُرَ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ , وَلَمْ يَذْكُرْ سُؤَالَ أَهْلِ نَجْدٍ , وَلَا إِرْدَافَهُ الرَّجُلَ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ أَهْلَ نَجْدٍ سَأَلُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْحَجِّ , فَكَانَ جَوَابُهُ لَهُمْ «الْحَجُّ يَوْمُ عَرَفَةَ» وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ جَوَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْجَوَابُ التَّامُّ , الَّذِي لَا نَقْصَ فِيهِ , وَلَا فَضْلَ , لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ آتَاهُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ وَخَوَاتِمَهُ فَلَوْ كَانَ عِنْدَمَا سَأَلُوهُ عَنِ الْحَجِّ أَرَادُوا بِذَلِكَ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فِي الْحَجِّ , لَكَانَ يَذْكُرُ عَرَفَةَ , وَالطَّوَافَ , وَمُزْدَلِفَةَ , وَمَا يُفْعَلُ مِنَ الْحَجِّ. فَلَمَّا تَرَكَ ذَلِكَ فِي جَوَابِهِ إِيَّاهُمْ , عَلِمْنَا أَنَّ مَا أَرَادُوا بِسُؤَالِهِمْ إِيَّاهُ عَنِ الْحَجِّ , هُوَ مَا إِذَا فَاتَ , فَاتَ الْحَجُّ , فَأَجَابَهُمْ بِأَنْ قَالَ: «الْحَجُّ يَوْمُ عَرَفَةَ» فَلَوْ كَانَتْ مُزْدَلِفَةُ كَعَرَفَةَ , لَذَكَرَ لَهُمْ مُزْدَلِفَةَ , مَعَ ذِكْرِهِ عَرَفَةَ , وَلَكِنَّهُ ذَكَرَ عَرَفَةَ خَاصَّةً , لِأَنَّهَا صُلْبُ الْحَجِّ , الَّذِي إِذَا فَاتَ , فَاتَ الْحَجُّ. ثُمَّ قَالَ كَلَامًا مُسْتَأْنَفًا , لِيَعْلَمَ النَّاسُ أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ جَمْعًا , قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ , فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ , لَيْسَ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ أَدْرَكَ جَمِيعَ الْحَجِّ , لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ «الْحَجُّ عَرَفَةَ» فَأَوْجَبَ بِذَلِكَ أَنَّ فَوْتَ عَرَفَةَ , فَوْتُ الْحَجِّ. ثُمَّ قَالَ: «وَمَنْ أَدْرَكَ جَمْعًا قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ , فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ» لَيْسَ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَجِّ شَيْءٌ , لِأَنَّ بَعْدَ ذَلِكَ طَوَافُ الزِّيَارَةِ , وَهُوَ وَاجِبٌ لَا بُدَّ مِنْهُ , وَلَكِنْ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ , بِمَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ. فَهَذَا أَحْسَنُ مَا خُرِّجَ مِنْ مَعَانِي هَذِهِ الْآثَارِ , وَصُحِّحَتْ عَلَيْهِ وَلَمْ تَتَضَادَّ. وَأَمَّا وَجْهُ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ , فَإِنَّا قَدْ رَأَيْنَا الْأَصْلَ الْمُجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَنَّ لِلضَّعَفَةِ أَنْ يَتَعَجَّلُوا مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ. وَكَذَلِكَ أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُغَيْلِمَةَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ , وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا , إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. وَرَخَّصَ لِسَوْدَةِ فِي تَرْكِ الْوُقُوفِ بِهَا