٤٣٠٤ - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ قَالَ: أَعْتَقَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِأَيُّوبَ فَقَالَ: لَوْ كَانَ أَبَتَّ عِتْقَهَا؟ فَقُلْتُ: أَلَيْسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْتَقَ صَفِيَّةَ , وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا؟ فَقَالَ: لَوْ أَنَّ امْرَأَةً وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ ذَلِكَ لَهُ. فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ هِشَامًا , فَأَبَتَّ عِتْقَهَا وَتَزَوَّجَهَا , وَأَصْدَقَهَا أَرْبَعَمِائَةٍ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: قَدْ رَأَيْتُ الرَّجُلَ يُعْتِقُ أَمَتَهُ عَلَى مَالٍ , وَتَقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ , فَتَكُونُ حُرَّةً , وَيَجِبُ لَهُ عَلَيْهَا ذَلِكَ الْمَالُ , فَمَا تُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ إِذَا أَعْتَقَهَا عَلَى أَنَّ عِتْقَهَا صَدَاقُهَا , فَقَبِلَتْ ذَلِكَ مِنْهُ أَنْ تَكُونَ حُرَّةً , وَيَجِبُ لَهُ ذَلِكَ الْمَالُ عَلَيْهَا؟ قِيلَ لَهُ: إِذَا أَعْتَقَهَا عَلَى مَالٍ , فَقَبِلَتْ ذَلِكَ مِنْهُ , وَجَبَ لَهَا عَلَيْهِ الْعَتَاقُ , وَوَجَبَ لَهُ عَلَيْهَا الْمَالُ , فَوَجَبَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِذَلِكَ الْعَقْدِ الَّذِي تَعَاقَدَا بَيْنَهُمَا شَيْءٌ أَوْجَبَهُ لَهُ ذَلِكَ الْعَقْدُ , لَمْ يَكُنْ مَالِكًا لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ. وَإِذَا أَعْتَقَهَا عَلَى أَنَّ عِتْقَهَا صَدَاقُهَا , فَقَدْ مَلَّكَهَا رَقَبَتَهَا , عَلَى أَنْ مَلَّكَتْهُ بُضْعَهَا , فَمَلَّكَهَا رَقَبَةً هُوَ لَهَا مَالِكٌ , وَلَمْ تَكُنْ هِيَ مَالِكَةً لَهَا قَبْلَ ذَلِكَ عَلَى أَنْ مَلَّكَتْهُ بُضْعَهَا هُوَ لَهُ مَالِكٌ قَبْلَ ذَلِكَ , فَلَمْ تُمَلِّكْهُ بِذَلِكَ الْعَتَاقِ شَيْئًا , لَمْ يَكُنْ مَالِكًا لَهُ قَبْلَهُ إِنَّمَا مَلَّكَتْهُ بَعْضَ مَا قَدْ كَانَ لَهُ. فَكَذَلِكَ لَمْ يَجِبْ لَهُ عَلَيْهَا بِذَلِكَ الْعَتَاقِ شَيْءٌ , وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْعَتَاقُ لَهَا صَدَاقًا. هَذِهِ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ يَقُولُ تَكُونُ زَوْجَةً لَهُ بِالْعَتَاقِ الَّذِي هُوَ لَهَا صَدَاقٌ. فَأَمَّا مَنْ يَقُولُ: لَا تَكُونُ زَوْجَتَهُ إِلَّا بِنِكَاحٍ مُسْتَأْنَفٍ بَعْدَ الْعَتَاقِ , وَالصَّدَاقُ لَهُ وَاجِبٌ عَلَيْهَا بِالْعَتَاقِ , وَيَتَزَوَّجُهَا عَلَيْهِ مَتَى أَحَبَّ , فَإِنَّ الْحُجَّةَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ لَهُ: فَلِمُعْتِقِهَا أَنْ يَأْخُذَهَا بِغُرْمِ ذَلِكَ الصَّدَاقِ الَّذِي قَدْ وَجَبَ لَهُ عَلَيْهَا بِالْعَتَاقِ. فَإِنْ قَالَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِهِ , خَرَجَ بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِ أَهْلِ الْعِلْمِ جَمِيعًا. وَإِنْ قَالَ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِهِ , قِيلَ لَهُ: فَمَا الصَّدَاقُ الَّذِي أَوْجَبَ لَهُ عَلَيْهَا الْعَتَاقَ؟ أَمَالٌ هُوَ أَمْ غَيْرُ مَالٍ؟ فَإِنْ كَانَ مَالًا , فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِمَا لَهُ عَلَيْهَا مِنَ الْمَالِ مَتَى أَحَبَّ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَالٍ , فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى غَيْرِ مَالٍ. فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا فَسَادُ هَذَا الْقَوْلِ أَيْضًا , وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute