٤٥٠٣ - حَدَّثَنَا يُونُسُ , قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ , قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , قَالَ: أَخْبَرَنِي قَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ , أَنَّهُ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ , يَقُولُ: " الطَّلَاقُ إِلَى الرَّجُلِ , وَالْعِدَّةُ إِلَى الْمَرْأَةِ , إِنْ كَانَ الرَّجُلُ حُرًّا , وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ أَمَةً , فَثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ , وَالْعِدَّةُ: عِدَّةُ الْأَمَةِ حَيْضَتَانِ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا , وَامْرَأَتُهُ حُرَّةً , طَلَّقَ طَلَاقَ الْعَبْدِ تَطْلِيقَتَيْنِ , وَاعْتَدَّتْ عِدَّةَ الْحُرَّةِ ثَلَاثَ حِيَضٍ ". فَلَمَّا جَاءَ هَذَا الِاخْتِلَافُ عَنْهُمْ , ثَبَتَ أَنَّهُ لَا يُحْتَجُّ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ أَحَدٍ مِنْهُمْ , لِأَنَّهُ مَتَى احْتَجَّ مُحْتَجٌّ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ بَعْضِهِمْ , احْتَجَّ مُخَالِفٌ عَلَيْهِ بِقَوْلٍ مِثْلِهِ , فَارْتَفَعَ ذَلِكَ كُلُّهُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ حُجَّةٌ لِأَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ عَلَى الْفَرِيقِ الْآخَرِ. وَكَانَ مِنْ حُجَّةِ مَنْ جَعَلَ الْأَقْرَاءَ الْحَيْضَ عَلَى مُخَالِفِهِ أَنْ قَالَ: فَإِذَا كَانَتِ الْأَقْرَاءُ الْأَطْهَارَ , فَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ ⦗٦٣⦘ الْمَرْأَةَ وَهِيَ طَاهِرَةٌ , فَحَاضَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِسَاعَةٍ , فَحُسِبَ ذَلِكَ لَهَا قُرْءٌ مَعَ قُرْأَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ , كَانَتْ عِدَّتُهَا قُرْأَيْنِ وَبَعْضَ قُرْءٍ , وَإِنَّمَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨] , فَكَانَ مِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْأَقْرَاءَ الْأَطْهَارُ فِي ذَلِكَ أَنْ قَالَ: فَقَدْ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: ١٩٧] , فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى شَهْرَيْنِ وَبَعْضِ شَهْرٍ , فَكَذَلِكَ جَعَلْنَا الْأَقْرَاءَ الثَّلَاثَةَ عَلَى قُرْأَيْنِ وَبَعْضِ قُرْءٍ. فَكَانَ مِنْ حُجَّتِنَا عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ: أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ فِي الْأَقْرَاءِ: {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨] , وَلَمْ يَقُلْ فِي الْحَجِّ: ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ , وَإِنْ قَالَ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ فَأَجْمَعُوا أَنَّ ذَلِكَ عَلَى شَهْرَيْنِ وَبَعْضِ شَهْرٍ , ثَبَتَ بِذَلِكَ مَا قَالَ الْمُخَالِفُ لَنَا , وَلَكِنَّهُ إِنَّمَا قَالَ أَشْهُرٌ , وَلَمْ يَقُلْ ثَلَاثَةُ. فَأَمَّا مَا حَصَرَهُ بِالثَّلَاثَةِ , فَقَدْ حَصَرَهُ بِعَدَدٍ مَعْلُومٍ , فَلَا يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ الْعَدَدِ , كَمَا أَنَّهُ لَمَّا قَالَ: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ , وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: ٤] , فَحَصَرَ ذَلِكَ بِالْعَدَدِ , فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ الْعَدَدِ , فَكَذَلِكَ لَمَّا حَصَرَ الْأَقْرَاءَ بِالْعَدَدِ , فَقَالَ: {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨] , فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ الْعَدَدِ. وَكَانَ مِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْأَقْرَاءَ الْأَطْهَارُ أَيْضًا أَنْ قَالَ: لَمَّا كَانَتِ الْهَاءُ تَثْبُتُ فِي عَدَدِ الْمُذَكَّرِ فَيُقَالُ ثَلَاثَةُ رِجَالٍ وَتَنْتَفِي مِنْ عَدَدِ الْمُؤَنَّثِ , فَيُقَالُ ثَلَاثُ نِسْوَةٍ فَقَالَ اللهُ تَعَالَى: {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨] , فَأَثْبَتَ الْهَاءَ , ثَبَتَ أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ مُذَكَّرًا , وَهُوَ الطُّهْرُ لَا الْحَيْضُ. فَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ: أَنَّ الشَّيْءَ إِذَا كَانَ لَهُ اسْمَانِ , أَحَدُهُمَا مُذَكَّرٌ وَالْآخَرُ مُؤَنَّثٌ , فَإِنْ جُمِعَ بِالْمُذَكَّرِ أُثْبِتَتِ الْهَاءُ , وَإِنْ جُمِعَ بِالْمُؤَنَّثِ أُسْقِطَتِ الْهَاءُ. مِنْ ذَلِكَ أَنَّكَ تَقُولُ هَذَا ثَوْبٌ , وَهَذِهِ مِلْحَفَةٌ فَإِنْ جَمَعْتُ بِالثَّوْبِ قُلْتُ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ وَإِنْ جَمَعْتَ بِالْمِلْحَفَةِ قُلْتُ ثَلَاثُ مَلَاحِفَ وَكَذَلِكَ هَذِهِ دَارٌ , وَهَذَا مَنْزِلٌ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ. فَكَانَ الشَّيْءُ قَدْ يَكُونُ وَاحِدًا يُسَمَّى بِاسْمَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ أَحَدُهُمَا مُذَكَّرٌ , وَالْآخَرُ مُؤَنَّثٌ فَإِذَا جُمِعَ بِالْمُذَكَّرِ , فَعَلَ فِيهِ كَمَا يَفْعَلُ فِي جَمْعِ الْمُذَكَّرِ فَأُثْبِتَتِ الْهَاءُ , وَإِنْ جُمِعَ بِالْمُؤَنَّثِ , فُعِلَ فِيهِ كَمَا يُفْعَلُ فِي جَمْعِ الْمُؤَنَّثِ , فَأُسْقِطَتِ الْهَاءُ. فَكَذَلِكَ الْحَيْضَةُ وَالْقُرْءُ , هُمَا اسْمَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ , وَهُوَ الْحَيْضَةُ فَإِنْ جُمِعَ بِالْحَيْضَةِ , سَقَطَتِ الْهَاءُ , فَقِيلَ: ثَلَاثُ حِيَضٍ , وَإِنْ جُمِعَ بِالْقِرْءِ , ثَبَتَتِ الْهَاءُ فَقِيلَ «ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ» وَذَلِكَ كُلُّهُ , اسْمَانِ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ , فَانْتَفَى بِذَلِكَ مَا ذَكَرْنَا مِمَّا احْتَجَّ بِهِ الْمُخَالِفُ لَنَا. وَأَمَّا وَجْهُ هَذَا الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ , فَإِنَّا قَدْ رَأَيْنَا الْأَمَةَ جُعِلَ عَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ , نِصْفُ مَا جُعِلَ عَلَى الْحُرَّةِ , فَكَانَتِ الْأَمَةُ إِذَا كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَحِيضُ , كَانَ عَلَيْهَا نِصْفُ عِدَّةِ الْحُرَّةِ إِذَا كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَحِيضُ , وَذَلِكَ شَهْرٌ وَنِصْفٌ ⦗٦٤⦘ فَإِذَا كَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ جُعِلَ عَلَيْهَا - بِاتِّفَاقِهِمْ - حَيْضَتَانِ , وَأُرِيدَ بِذَلِكَ نِصْفُ مَا عَلَى الْحُرَّةِ ; وَلِهَذَا قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِحَضْرَةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ قَدِرْتُ أَنْ أَجْعَلَهَا حَيْضَةً وَنِصْفًا , لَفَعَلْتُ» . فَلَمَّا كَانَ مَا عَلَى هَذِهِ الْأَمَةِ هُوَ الْحَيْضَ لَا الْأَطْهَارَ , وَذَلِكَ نِصْفُ مَا عَلَى الْحُرَّةِ , ثَبَتَ أَنَّ مَا عَلَى الْحُرَّةِ أَيْضًا هُوَ مِنْ جِنْسِ مَا عَلَى الْأَمَةِ , وَهُوَ الْحَيْضُ لَا الْأَطْهَارُ. فَثَبَتَ بِذَلِكَ قَوْلُ الَّذِينَ ذَهَبُوا فِي الْقِرْءِ إِلَى أَنَّهَا الْحَيْضُ , وَانْتَفَى قَوْلُ مُخَالِفِهِمْ , وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمُ اللهُ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عِدَّةِ الْأَمَةِ مَا