للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٦٤٨ - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ , قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ , قَالَ: ثنا أُبَيٌّ , قَالَ: ثنا شُعْبَةُ , عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سَمِعْتُ مُطَرِّفَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يُحَدِّثُ , عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ , قَالَ: «لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ» . ⦗٩٤⦘ فَهَذَا مُنْتَهَى مَا وَقَفْنَا عَلَيْهِ , مِنْ عِلْمِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ , أَيُّ لَيْلَةٍ هِيَ؟ مِمَّا دَلَّنَا عَلَيْهِ كِتَابُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَسُنَّةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَأَمَّا مَا رُوِيَ بَعْدَ ذَلِكَ عَنِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَتَابِعِيهِمْ , فَمَعْنَاهُ دَاخِلٌ فِي الْمَعَانِي الَّتِي ذَكَرْنَا. وَإِنَّمَا احْتَجْنَا إِلَى ذِكْرِ مَا رُوِيَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ , لِمَا قَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ أَصْحَابُنَا رَحِمَهُمُ اللهُ فِي قَوْلِ الرَّجُلِ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ , مَتَى يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ. فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ: إِنْ قَالَ لَهَا ذَلِكَ قَبْلَ شَهْرِ رَمَضَانَ , لَمْ يَقَعِ الطَّلَاقُ حَتَّى يَمْضِيَ شَهْرُ رَمَضَانَ. لِمَا قَدِ اخْتُلِفَ فِي مَوْضِعِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ مِنْ لَيَالِي شَهْرِ رَمَضَانَ , عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابَ , مِمَّا رُوِيَ أَنَّهَا فِي الشَّهْرِ كُلِّهِ , وَمِمَّا قَدْ رُوِيَ أَنَّهَا فِي خَاصٍّ مِنْهُ , قَالَ رَحِمَهُ اللهُ: فَلَا أَحْكُمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ , إِلَّا بَعْدَ مُضِيِّ الشَّهْرِ , لِأَنِّي أَعْلَمُ بِذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ مَضَى الْوَقْتُ الَّذِي أَوْقَعَ الطَّلَاقَ فِيهِ , وَأَنَّ الطَّلَاقَ قَدْ وَقَعَ. قَالَ رَحِمَهُ اللهُ: وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ لَهَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ , فِي أَوَّلِهِ , أَوْ فِي آخِرِهِ , أَوْ فِي وَسَطِهِ , لَمْ يَقَعِ الطَّلَاقُ , حَتَّى يَمْضِيَ مَا بَقِيَ مِنْ ذَلِكَ الشَّهْرِ , وَحَتَّى يَمْضِيَ شَهْرُ رَمَضَانَ أَيْضًا كُلُّهُ , مِنَ السَّنَةِ الْقَابِلَةِ. قَالَ رَحِمَهُ اللهُ: لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِيمَا مَضَى مِنْ هَذَا الشَّهْرِ الَّذِي هُوَ فِيهِ , فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ حَتَّى يَمْضِيَ شَهْرُ رَمَضَانَ كُلُّهُ , مِنَ السَّنَةِ الْجَائِيَةِ , وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ ذَلِكَ الشَّهْرِ الَّذِي هُوَ فِيهِ , فَيَقَعُ الطَّلَاقُ فِيهَا , فَيَكُونُ كَمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ , قَبْلَ شَهْرِ رَمَضَانَ أَنْتِ طَالِقٌ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَيَكُونُ الطَّلَاقُ لَا يُحْكَمُ بِهِ عَلَيْهِ إِلَّا بَعْدَ مُضِيِّ شَهْرِ رَمَضَانَ قَالَ رَحِمَهُ اللهُ: فَلَمَّا أَشْكَلَ ذَلِكَ , لَمْ أَحْكُمْ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ إِلَّا بَعْدَ عِلْمِي بِوُقُوعِهِ , وَلَا أَعْلَمُ ذَلِكَ , إِلَّا بَعْدَ مُضِيِّ شَهْرِ رَمَضَانَ , الَّذِي هُوَ فِيهِ , وَشَهْرِ رَمَضَانَ الْجَائِي بَعْدَهُ. فَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ فِي هَذَا الْبَابِ , وَقَدْ كَانَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ , قَالَ مَرَّةً بِهَذَا الْقَوْلِ أَيْضًا , وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى: إِذَا قَالَ لَهَا ذَلِكَ الْقَوْلَ فِي بَعْضِ شَهْرِ رَمَضَانَ , لَمْ يُحْكَمْ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ حَتَّى يَمْضِيَ مِثْلُ ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ , مِنَ السَّنَةِ الْجَائِيَةِ. قَالَ: لِأَنَّ ذَلِكَ إِذَا كَانَ , فَقَدْ كَمُلَ حَوْلٌ , مُنْذُ قَالَ ذَلِكَ الْقَوْلَ وَهِيَ فِي كُلِّ حَوْلٍ فَعَلِمْنَا بِذَلِكَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهَذَا قَوْلٌ - عِنْدِي - لَيْسَ بِشَيْءٍ , لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ لَنَا , إِنَّ كُلَّ حَوْلٍ يَكُونُ فَفِيهِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ , عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْحَوْلَ لَيْسَ فِيهِ شَهْرُ رَمَضَانَ بِكَمَالِهِ مِنْ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ. وَإِنَّمَا قِيلَ لَنَا: إِنَّهَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ كُلِّ سَنَةٍ , هَكَذَا دَلَّنَا عَلَيْهِ كِتَابُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَقَالَهُ لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْبَابِ فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ إِذَا قَالَ لَهَا فِي بَعْضِ شَهْرِ رَمَضَانَ أَنْتِ طَالِقٌ لَيْلَةَ الْقَدْرِ أَنْ تَكُونَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ فِيمَا مَضَى مِنْ ذَلِكَ الشَّهْرِ. ⦗٩٥⦘ فَيَكُونُ إِذَا مَضَى حَوْلٌ مِنْ حِينَئِذٍ , إِلَى مِثْلِهِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ , مِنَ السَّنَةِ الْجَائِيَةِ , لَا لَيْلَةَ قَدْرٍ فِيهِ. فَفَسَدَ بِمَا ذَكَرْنَا , قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ الَّذِي وَصَفْنَا , وَثَبَتَ - عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ - مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَقَدْ كَانَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ قَالَ مَرَّةً أُخْرَى: إِذَا قَالَ لَهَا الْقَوْلَ فِي بَعْضِ شَهْرِ رَمَضَانَ: إِنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ , حَتَّى يَمْضِيَ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ. وَذَهَبَ فِي ذَلِكَ - فِيمَا نَرَى وَاللهُ أَعْلَمُ - إِلَى أَنَّ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ أَنَّهَا فِي لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ بِعَيْنِهَا هُوَ حَدِيثُ بِلَالٍ , وَحَدِيثُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَإِذَا مَضَتْ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ , عُلِمَ أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ قَدْ كَانَتْ , فَحَكَمَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ وَقِيلَ ذَلِكَ فَلَيْسَ بِعِلْمِ كَوْنِهَا فَكَذَلِكَ لَمْ يُحْكَمْ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ. وَهَذَا الْقَوْلُ تَشْهَدُ لَهُ الْآثَارُ الَّتِي رَوَيْنَاهَا , فِي هَذَا الْبَابِ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>