للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٦٤٩ - حَدَّثَنَا رَبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُؤَذِّنُ , قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ , قَالَ: أَخْبَرَنَا الْأَوْزَاعِيُّ , عَنْ عَطَاءٍ , عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَجَاوَزَ اللهُ لِي عَنْ أُمَّتِي , الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ , وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا أُكْرِهَ عَلَى طَلَاقٍ , أَوْ نِكَاحٍ , أَوْ يَمِينٍ , أَوْ إِعْتَاقٍ , أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ حَتَّى فَعَلَهُ مُكْرَهًا , أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ بَاطِلٌ , لِأَنَّهُ قَدْ دَخَلَ فِيمَا تَجَاوَزَ اللهُ فِيهِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أُمَّتِهِ , وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ , فَقَالُوا: بَلْ يَلْزَمُهُ مَا حَلَفَ بِهِ فِي حَالِ الْإِكْرَاهِ , مِنْ يَمِينٍ , وَيَنْفُذُ عَلَيْهِ طَلَاقُهُ , وَعَتَاقُهُ , وَنِكَاحُهُ , وَمُرَاجَعَتُهُ لِزَوْجَتِهِ الْمُطَلَّقَةِ , إِنْ كَانَ رَاجَعَهَا. وَتَأَوَّلُوا فِي هَذَا الْحَدِيثِ , مَعْنًى غَيْرَ الْمَعْنَى الَّذِي تَأَوَّلَهُ أَهْلُ الْمَقَالَةِ الْأُولَى فَقَالُوا: إِنَّمَا ذَلِكَ فِي الشِّرْكِ خَاصَّةً , لِأَنَّ الْقَوْمَ كَانُوا حَدِيثِي عَهْدٍ بِكُفْرٍ , فِي دَارٍ كَانَتْ دَارَ كُفْرٍ , فَكَانَ الْمُشْرِكُونَ إِذَا قَدَرُوا عَلَيْهِمْ , اسْتَكْرَهُوهُمْ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْكُفْرِ , فَيُقِرُّونَ بِذَلِكَ بِأَلْسِنَتِهِمْ , قَدْ فَعَلُوا ذَلِكَ بِعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ , وَبِغَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَرَضِيَ عَنْهُمْ , فَنَزَلَتْ فِيهِمْ {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النحل: ١٠٦] وَرُبَّمَا سَهْوًا , فَتَكَلَّمُوا بِمَا جَرَتْ عَلَيْهِ عَادَتُهُمْ قَبْلَ الْإِسْلَامِ , وَرُبَّمَا أَخْطَئُوا فَتَكَلَّمُوا بِذَلِكَ أَيْضًا , فَتَجَاوَزَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ عَنْ ذَلِكَ , لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُخْتَارِينَ لِذَلِكَ , وَلَا قَاصِدِينَ إِلَيْهِ. ⦗٩٦⦘ وَقَدْ ذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ إِلَى هَذَا التَّفْسِيرِ أَيْضًا. حَدَّثَنَاهُ الْكَيْسَانِيُّ , عَنْ أَبِيهِ. فَالْحَدِيثُ يَحْتَمِلُ هَذَا الْمَعْنَى , وَيَحْتَمِلُ مَا قَالَ أَهْلُ الْمَقَالَةِ الْأُولَى , فَلَمَّا احْتَمَلَ ذَلِكَ , احْتَجْنَا إِلَى كَشْفِ مَعَانِيهِ , لِيَدُلَّنَا عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ، فَنَصْرِفُ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ إِلَيْهِ. فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ , فَوَجَدْنَا الْخَطَأَ , هُوَ مَا أَرَادَ الرَّجُلُ غَيْرَهُ , فَفَعَلَهُ , لَا عَنْ قَصْدٍ مِنْهُ إِلَيْهِ , وَلَا إِرَادَةٍ مِنْهُ إِيَّاهُ , وَكَانَ السَّهْوُ مَا قَصَدَ إِلَيْهِ , فَفَعَلَهُ عَلَى الْقَصْدِ مِنْهُ إِلَيْهِ , عَلَى أَنَّهُ سَاهٍ عَنِ الْمَعْنَى الَّذِي يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ الْفِعْلِ وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا نَسِيَ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْمَرْأَةُ لَهُ زَوْجَةً , فَقَصَدَ إِلَيْهَا , فَطَلَّقَهَا , فَكُلٌّ قَدْ أَجْمَعَ أَنَّ طَلَاقَهُ عَامِلٌ وَلَمْ يُبْطِلُوا ذَلِكَ لِسَهْوِهِ , وَلَمْ يَدْخُلْ ذَلِكَ السَّهْوُ فِي السَّهْوِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ فَإِذَا كَانَ السَّهْوُ الْمَعْفُوُّ عَنْهُ , لَيْسَ فِيهِ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الطَّلَاقِ وَالْأَيْمَانِ , وَالْعَتَاقِ , كَانَ كَذَلِكَ الِاسْتِكْرَاهُ الْمَعْفُوُّ عَنْهُ , لَيْسَ فِيهِ أَيْضًا مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ فَثَبَتَ بِذَلِكَ , فَسَادُ قَوْلِ الَّذِينَ أَدْخَلُوا الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ وَالْأَيْمَانَ فِي ذَلِكَ. وَاحْتَجَّ أَهْلُ الْمَقَالَةِ الْأُولَى أَيْضًا لِقَوْلِهِمْ , بِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>