٤٧٢٤ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ , قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ , قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ , عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ , قَالَ: كَانَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَقُولُ: «الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ , مَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ كِتَابَتِهِ» . وَكَانَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَقُولُ: «شُرُوطُهُمْ جَائِزَةٌ فِيمَا بَيْنَهُمْ» فَلَمَّا كَانُوا قَدِ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ , كَمَا ذَكَرْنَا , وَكُلٌّ قَدْ أَجْمَعَ أَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يَعْتِقُ بِعَقْدِ الْمُكَاتَبَةِ , وَإِنَّمَا يَعْتِقُ بِحَالٍ ثَانِيَةٍ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: تِلْكَ الْحَالُ هِيَ أَدَاءُ جَمِيعِ الْمُكَاتَبَةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ أَدَاءُ بَعْضِ الْمُكَاتَبَةِ , وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَعْتِقُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى مِنْ مَالِ الْمُكَاتَبَةِ. ثَبَتَ أَنَّ حُكْمَ ذَلِكَ قَدْ خَرَجَ مِنْ حُكْمِ الْمُعْتَقِ عَلَى مَالٍ , لِأَنَّ الْمُعْتَقَ عَلَى مَالٍ , يَعْتِقُ بِالْقَوْلِ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ شَيْئًا , وَالْمُكَاتَبَ لَيْسَ كَذَلِكَ , لِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى مَا ذَكَرْنَا. ⦗١١٣⦘ فَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يَسْتَحِقُّ الْعَتَاقَ بِعَقْدِ الْمُكَاتَبَةِ , وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ بِحَالٍ ثَانِيَةٍ , نَظَرْنَا فِي ذَلِكَ , وَفِي سَائِرِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَا تَجِبُ بِالْعُقُودِ , وَإِنَّمَا تَجِبُ بِحَالٍ أُخْرَى بَعْدَهَا , كَيْفَ حُكْمُهَا؟ . فَرَأَيْنَا الرَّجُلَ يَبِيعُ الرَّجُلَ الْعَبْدَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ , فَلَا يَجِبُ لِلْمُشْتَرِي قَبْضُ الْعَبْدِ بِنَفْسِ الْعَقْدِ , حَتَّى يُؤَدِّيَ جَمِيعَ الثَّمَنِ وَلَا يَكُونُ لَهُ قَبْضُ بَعْضِ الْعَبْدِ بِأَدَائِهِ بَعْضَ الثَّمَنِ , وَكَذَلِكَ الْأَشْيَاءُ الَّتِي هِيَ مَحْبُوسَةٌ بِغَيْرِهَا , مِثْلُ الرَّهْنِ الْمَحْبُوسِ بِالدَّيْنِ , فَكُلٌّ قَدْ أَجْمَعَ أَنَّ الرَّاهِنَ لَوْ قَضَى الْمُرْتَهِنَ بَعْضَ الدَّيْنِ , فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ الرَّهْنَ أَوْ بَعْضَهُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى مِنَ الدَّيْنِ , لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ إِلَّا بِأَدَائِهِ جَمِيعَ الدَّيْنِ. فَكَانَ هَذَا حُكْمَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تُمْلَكُ بِأَشْيَاءَ إِذَا وَجَبَ احْتِبَاسُهَا , فَإِنَّمَا تُحْبَسُ حَتَّى يُؤْخَذَ جَمِيعُ مَا جُعِلَ بَدَلًا مِنْهَا. فَلَمَّا خَرَجَ الْمُكَاتَبُ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي حُكْمِ الْمُعْتَقِ عَلَى الْمَالِ الَّذِي يَعْتِقُ بِالْعَقْدِ , لَا بِحَالٍ ثَانِيَةٍ , وَثَبَتَ أَنَّهُ فِي حُكْمِ مَنْ يُحْبَسُ لِأَدَاءِ شَيْءٍ ثَبَتَ أَنَّ حُكْمَهُ فِي الْمُكَاتَبَةِ وَفِي احْتِبَاسِ الْمَوْلَى إِيَّاهُ , كَحُكْمِ الْمَبِيعِ فِي احْتِبَاسِ الْبَائِعِ إِيَّاهُ. فَكَمَا كَانَ الْمُشْتَرِي غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى أَخْذِهِ إِلَّا بَعْدَ أَدَاءِ جَمِيعِ الثَّمَنِ , كَانَ كَذَلِكَ الْمُكَاتَبُ أَيْضًا غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى أَخْذِ شَيْءٍ مِنْ رَقَبَتِهِ , مِنْ مِلْكِ الْمَوْلَى إِلَّا بِأَدَاءِ جَمِيعِ الْمُكَاتَبَةِ. فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا قَوْلُ الَّذِينَ قَالُوا: لَا يَعْتِقُ مِنَ الْمُكَاتَبِ شَيْءٌ إِلَّا بِأَدَاءِ جَمِيعِ الْمُكَاتَبَةِ , وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٍ , رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ