للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٧٣٠ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ , قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ , قَالَ: ثنا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ , عَنْ مَنْصُورٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ , عَنْ يُوسُفَ بْنِ الزُّبَيْرِ , عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ «كَانَتْ لِزَمْعَةَ جَارِيَةٌ يَطَؤُهَا , وَكَانَ يَظُنُّ بِرَجُلٍ آخَرَ أَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهَا , فَمَاتَ زَمْعَةُ وَهِيَ حُبْلَى , فَوَلَدَتْ غُلَامًا , كَانَ يُشْبِهُ الرَّجُلَ الَّذِي كَانَ يُظَنُّ بِهَا , فَذَكَرَتْهُ سَوْدَةُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَمَّا الْمِيرَاثُ فَلَهُ , وَأَمَّا أَنْتِ فَاحْتَجِبِي مِنْهُ , فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكِ بِأَخٍ» فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ زَمْعَةَ كَانَ يَطَأُ تِلْكَ الْأَمَةَ , وَأَنْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِسَوْدَةِ «لَيْسَ هُوَ لَكِ بِأَخٍ» يَعْنِي ابْنَ الْمَوْطُوءَةِ. فَدَلَّ هَذَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ قَضَى فِي نَسَبِهِ عَلَى زَمْعَةَ بِشَيْءٍ , وَأَنَّ وَطْءَ زَمْعَةَ لَمْ يَكُنْ - عِنْدَهُ - بِمُوجِبٍ أَنَّ مَا جَاءَتْ بِهِ تِلْكَ الْمَوْطُوءَةُ مِنْ وَلَدٍ مِنْهُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «أَمَّا الْمِيرَاثُ فَلَهُ» فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى قَضَائِهِ بِنَسَبِهِ. قِيلَ لَهُ: مَا يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرْتَ , لِأَنَّ عَبْدَ بْنَ زَمْعَةَ قَدْ كَانَ ادَّعَاهُ , وَزَعَمَ أَنَّهُ ابْنُ أَبِيهِ , لِأَنَّ عَائِشَةَ ⦗١١٦⦘ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَدْ أَخْبَرَتْ فِي حَدِيثِهَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْهَا فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ , «أَنَّ عَبْدَ بْنَ زَمْعَةَ قَالَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ نَازَعَهُ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ - أَخِي ابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي , وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِي» فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ سَوْدَةُ قَالَتْ مِثْلَ ذَلِكَ , وَهُمَا وَارِثَا زَمْعَةَ , فَكَانَا مُقِرَّيْنِ لَهُ بِوُجُوبِ الْمِيرَاثِ , مِمَّا تَرَكَ زَمْعَةُ. فَجَازَ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا فِي الْمَالِ الَّذِي كَانَ يَكُونُ لَهُمَا , لَوْ لَمْ يُقِرَّ بِمَا أَقَرَّا بِهِ مِنْ ذَلِكَ , وَلَمْ يَجِبْ بِذَلِكَ ثُبُوتُ نَسَبٍ , يَجِبُ بِهِ حُكْمٌ , فَيُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّظَرِ إِلَى سَوْدَةَ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّمَا كَانَ أَمْرُهَا بِالْحِجَابِ مِنْهُ , لِمَا كَانَ رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ كَمَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قِيلَ لَهُ: هَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ , لِأَنَّ وُجُودَ الشَّبَهِ , لَا يَجِبُ بِهِ ثُبُوتُ نَسَبٍ , وَلَا يَجِبُ بِعَدَمِهِ انْتِفَاءُ نَسَبٍ. أَلَا تَرَى إِلَى الرَّجُلِ الَّذِي قَالَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ , قَالَ فَمَا أَلْوَانُهَا؟ فَذَكَرَ كَلَامًا. قَالَ فَهَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ؟ قَالَ: إِنَّ فِيهَا لَوَرِقًا. قَالَ مِمَّ تَرَى ذَلِكَ جَاءَهَا؟ قَالَ: مِنْ عِرْقٍ نَزَعَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَعَلَّ هَذَا مِنْ عِرْقٍ نَزَعَهُ " وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْحَدِيثَ بِإِسْنَادِهِ , فِي بَابِ اللِّعَانِ فَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفْيِهِ , لِبُعْدِ شَبَهِهِ مِنْهُ , وَلَا مَنَعَهُ مِنْ إِدْخَالِهِ عَلَى بَنَاتِهِ وَحَرَمِهِ , بَلْ ضَرَبَهُ لَهُ مَثَلًا , أَعْلَمَهُ بِهِ أَنَّ الشَّبَهَ لَا يُوجِبُ ثُبُوتَ الْأَنْسَابِ , وَأَنَّ عَدَمَهُ لَا يَجِبُ بِهِ انْتِفَاءُ الْأَنْسَابِ. فَكَذَلِكَ ابْنُ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ , لَوْ كَانَ وَطْءُ زَمْعَةَ لِأُمِّهِ يُوجِبُ ثُبُوتَ نَسَبِهِ مِنْهُ , إِذًا لَمَا كَانَ لِبُعْدِ شَبَهِهِ مِنْهُ مَعْنًى , وَلَكَانَ نَسَبُهُ مِنْهُ ثَابِتُ الدَّخْلِ عَلَى بَنَاتِهِ , كَمَا يَدْخُلُ عَلَيْهِنَّ غَيْرُهُ مِنْ بَنِيهِ وَأَمَّا مَا احْتَجُّوا بِهِ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - فِي ذَلِكَ - مِمَّا قَدْ رَوَيْنَاهُ عَنْهُمَا , فَإِنَّهُ قَدْ خَالَفَهُمَا فِي ذَلِكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ , وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>