٤٨٠٢ - حَدَّثَنَا يُونُسُ , قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ , قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو , عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مَالِكٍ , عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ , عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ» قَالَ: فَلَمَّا كَانَ فَضْلُ الصَّلَاةِ فِي بَعْضِ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ عَلَى بَعْضِ , مَا قَدْ ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْآثَارِ لَمْ يَجُزْ لِمَنْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ صَلَاةً فِي شَيْءٍ مِنْهَا إِلَّا أَنْ يُصَلِّيَهَا حَيْثُ أَوْجَبَ أَوْ فِيمَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ مِنَ الْمَوَاضِعِ. ⦗١٢٨⦘ وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ عَلَى أَهْلِ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ» إِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ لَا عَلَى النَّوَافِلِ. أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ عَبْدِ بْنِ سَعْدٍ «لَأَنْ أُصَلِّيَ فِي بَيْتِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُصَلِّيَ فِي الْمَسْجِدِ» . وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ «خَيْرُ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ» وَذَلِكَ أَنَّهُ حِينَ أَرَادَ أَنْ يَقُومَ بِهِمْ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي التَّطَوُّعِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ هَذِهِ الْآثَارِ. فَلَمَّا رُوِيَ ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا كَانَ تَصْحِيحُ الْآثَارِ يُوجِبُ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي لَهَا الْفَضْلُ عَلَى الصَّلَاةِ فِي الْبُيُوتِ هِيَ الصَّلَاةُ الَّتِي هِيَ خِلَافُ هَذِهِ الصَّلَاةِ , وَهِيَ الْمَكْتُوبَةُ. فَثَبَتَ بِذَلِكَ فَسَادُ مَا احْتَجَّ بِهِ أَبُو يُوسُفَ وَثَبَتَ أَنَّ مَنْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ صَلَاةً فِي مَكَانٍ فَصَلَّاهَا فِي غَيْرِهِ أَجْزَأَهُ فَهَذَا وَجْهُ هَذَا الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ الْآثَارِ. وَأَمَّا وَجْهُهُ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ , فَإِذَا رَأَيْنَا الرَّجُلَ إِذَا قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَالصَّلَاةُ الَّتِي أَوْجَبَهَا قُرْبَةٌ حَيْثُ مَا كَانَتْ فَهِيَ عَلَيْهِ وَاجِبَةٌ. ثُمَّ أَرَدْنَا أَنْ نَنْظُرَ فِي الْمَوْطِنِ الَّذِي أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يُصَلِّيَهَا فِيهِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ تِلْكَ الصَّلَاةُ أَمْ لَا؟ فَرَأَيْنَاهُ لَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَلْبَثَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ سَاعَةً لَمْ يَجِبْ ذَلِكَ عَلَيْهِ , وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ اللُّبْثُ هُوَ لَوْ فَعَلَهُ قُرْبَةً. فَكَانَ اللُّبْثُ وَإِنْ كَانَ قُرْبَةً لَا يَجِبُ بِإِيجَابِ الرَّجُلِ إِيَّاهُ عَلَى نَفْسِهِ. فَلَمَّا كَانَ مَا ذَكَرْنَا كَذَلِكَ كَانَ مَنْ أَوْجَبَ لِلَّهِ عَلَى نَفْسِهِ صَلَاةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ اللُّبْثُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. فَهَذَا هُوَ النَّظَرُ فِي هَذَا الْبَابِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ , رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمَا وَاللهُ أَعْلَمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute