٤٩٤٣ - حَدَّثَنَا يُونُسُ , قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ , قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ , أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ , حَدَّثَهُ أَنَّهُ , بَلَغَهُ «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي شَارِبِ الْخَمْرِ إِنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ فِي الرَّابِعَةِ فَاقْتُلُوهُ فَأُتِيَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَجَلَدَهُ , ثُمَّ أُتِيَ بِهِ الرَّابِعَةَ فَجَلَدَهُ , وَوَضَعَ الْقَتْلَ عَنِ النَّاسِ» .
٤٩٤٤ - حَدَّثَنَا يُونُسُ , قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ , قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , عَنْ قَبِيصَةِ بْنِ ذُؤَيْبٍ الْكَعْبِيِّ , أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً. فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْقَتْلَ بِشُرْبِ الْخَمْرِ فِي الرَّابِعَةِ مَنْسُوخٌ فَهَذَا وَجْهُ هَذَا الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ الْآثَارِ. ثُمَّ عُدْنَا إِلَى النَّظَرِ فِي ذَلِكَ ; لِنَعْلَمَ مَا هُوَ؟ فَرَأَيْنَا الْعُقُوبَاتِ الَّتِي تَجِبُ بِانْتِهَاكِ الْحُرُمَاتِ مُخْتَلِفَةً. فَمِنْهَا حَدُّ الزِّنَا وَهُوَ الْجَلْدُ فِي غَيْرِ الْإِحْصَانِ فَكَانَ مَنْ زَنَى وَهُوَ غَيْرُ مُحْصَنٍ فَحُدَّ ثُمَّ زَنَى ثَانِيَةً كَانَ حَدُّهُ كَذَلِكَ أَيْضًا ثُمَّ كَذَلِكَ حَدُّهُ فِي الرَّابِعَةِ , لَا يَتَغَيَّرُ عَنْ حَدِّهِ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ. وَكَانَ مَنْ سَرَقَ مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ فَحَدُّهُ قَطْعُ الْيَدِ ثُمَّ إِنْ سَرَقَ ثَانِيَةً فَحَدُّهُ قَطْعُ الرِّجْلِ ثُمَّ إِنْ سَرَقَ ثَالِثَةً فَفِي حُكْمِهِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ النَّاسِ. ⦗١٦٢⦘ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: تُقْطَعُ يَدُهُ , وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: لَا تُقْطَعُ فَهَذِهِ حُقُوقُ اللهِ الَّتِي تَجِبُ فِيمَا دُونَ الْأَنْفُسِ. وَأَمَّا حُدُودُ اللهِ الَّتِي تَجِبُ فِي الْأَنْفُسِ , وَهِيَ الْقَتْلُ فِي الرِّدَّةِ وَالرَّجْمُ فِي الزِّنَا إِذَا كَانَ الزَّانِي مُحْصَنًا. فَكَانَ مَنْ زَنَى مِمَّنْ قَدْ أُحْصِنَ رُجِمَ وَلَمْ يُنْتَظَرْ بِهِ أَنْ يَزْنِيَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَكَانَ مَنِ ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ قُتِلَ , وَلَمْ يُنْتَظَرْ بِهِ أَنْ يَرْتَدَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ. وَأَمَّا حُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ فَمِنْهَا أَيْضًا مَا يَجِبُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ. فَمِنْ ذَلِكَ حَدُّ الْقَذْفِ , فَكَانَ مَنْ قَذَفَ مَرَّاتٍ فَحُكْمُهُ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِكُلِّ مَرَّةٍ مِنْهَا فَهُوَ حُكْمٌ وَاحِدٌ لَا يَتَغَيَّرُ , وَلَا يَخْتَلِفُ مَا يَجِبُ فِي قَذْفِهِ إِيَّاهُ فِي الْمَرَّةِ الرَّابِعَةِ , وَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِقَذْفِهِ إِيَّاهُ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى. فَكَانَتِ الْحُدُودُ لَا تَتَغَيَّرُ فِي انْتِهَاكِ الْحُرُمِ وَحُكْمُهَا كُلُّهَا حُكْمٌ وَاحِدٌ. فَمَا كَانَ مِنْهَا جَلْدٌ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ فَحُكْمُهُ كَذَلِكَ أَبَدًا وَمَا كَانَ مِنْهَا قَتْلٌ قُتِلَ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْفِعْلُ أَوَّلَ مَرَّةٍ , وَلَمْ يُنْتَظَرْ بِهِ أَنْ يَتَكَرَّرَ فِعْلُهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ. فَلَمَّا كَانَ مَا وَصَفْنَا كَذَلِكَ وَكَانَ مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ مَرَّةً فَحَدُّهُ الْجَلْدُ لَا الْقَتْلُ كَانَ فِي النَّظَرِ أَيْضًا عُقُوبَتُهُ فِي شُرْبِهِ إِيَّاهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَبَدًا كُلَّمَا شَرِبَهَا الْجَلْدَ لَا الْقَتْلَ , وَلَا تَزِيدُ عُقُوبَتُهُ بِتَكَرُّرِ أَفْعَالِهِ , كَمَا لَمْ تَزِدْ عُقُوبَةُ مَنْ وَصَفْنَا بِتَكَرُّرِ أَفْعَالِهِ. فَهَذَا الَّذِي وَصَفْنَا هُوَ النَّظَرُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute