٥٢٣٠ - حَدَّثَنَا يُونُسُ , قَالَ: أَخْبَرَنَا ⦗٢٤٣⦘ سُفْيَانُ , عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ يُقَالُ لَهُ بِشْرُ بْنُ عَلْقَمَةَ قَالَ: بَارَزْتُ رَجُلًا يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ فَقَتَلْتُهُ , فَبَلَغَ سَلَبُهُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا , فَنَفَّلَنِيهِ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ قِيلَ لَهُ: قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سَعْدٌ نَفَّلَهُ ذَلِكَ , وَالْقِتَالُ لَمْ يَرْتَفِعْ , فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَهَذَا قَوْلُنَا أَيْضًا وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا نَفَّلَهُ بَعْدَ ارْتِفَاعِ الْقِتَالِ , فَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ جَعَلَ ذَلِكَ مِنَ الْخُمُسِ فَإِنْ كَانَ جَعَلَهُ مِنْ غَيْرِ الْخُمُسِ , فَهَذَا فِيهِ الَّذِي ذَكَرْنَا مِنَ الِاخْتِلَافِ , فَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ لِأَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ حُجَّةٌ , إِذْ كَانَ قَدْ يُحْتَمَلُ مَا قَدْ صَرَفَهُ إِلَيْهِ مُخَالِفُهُ وَوَجَبَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُكْشَفَ وَجْهُ هَذَا الْبَابِ , لِنَعْلَمَ كَيْفَ حُكْمُهُ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ فَكَانَ الْأَصْلُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْإِمَامَ إِذَا قَالَ فِي حَالِ الْقِتَالِ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ , أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَلَوْ قَالَ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا , كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا أَيْضًا وَلَوْ قَالَ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا , فَلَهُ عُشْرُ مَا أَصَبْنَا , لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ , لِأَنَّ هَذَا لَوْ جَازَ , جَازَ أَنْ تَكُونَ الْغَنِيمَةُ كُلُّهَا لِلْمُقَاتِلِينَ , فَيَبْطُلُ حَقُّ اللهِ تَعَالَى فِيهَا مِنَ الْخُمُسِ فَكَانَ النَّفَلُ لَا يَكُونُ قَبْلَ الْقِتَالِ , إِلَّا فِيمَا أَصَابَهُ الْمُنَفَّلُ بِسَيْفِهِ , وَلَا يَجُوزُ فِيمَا أَصَابَ غَيْرُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيمَا حُكْمُهُ حُكْمُ الْإِجَارَةِ فَيَجُوزُ ذَلِكَ , كَمَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ كَقَوْلِهِ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ , فَذَلِكَ جَائِزٌ فَلَمَّا كَانَ مَا ذَكَرْنَا كَذَلِكَ , وَلَمْ يَجُزِ النَّفَلُ إِلَّا فِيمَا أَصَابَهُ الْمُنَفَّلُ بِسَيْفِهِ , أَوْ فِيمَا جُعِلَ لَهُ لِعَمَلِهِ , وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُنَفَّلَ مِمَّا أَصَابَهُ غَيْرُهُ , كَانَ النَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ إِحْرَازِ الْغَنِيمَةِ أَحْرَى أَنْ لَا يَجُوزَ أَنْ يُنَفَّلَ مِمَّا أَصَابَ غَيْرُهُ فَفَسَدَ بِذَلِكَ قَوْلُ مَنْ أَجَازَ النَّفَلَ بَعْدَ إِحْرَازِ الْغَنِيمَةِ , وَرَجَعْنَا إِلَى حُكْمِ مَا أَصَابَهُ هُوَ , فَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُنَفِّلَهُ الْإِمَامُ إِيَّاهُ , قَدْ وَجَبَ حَقُّ اللهِ تَعَالَى فِي خُمُسِهِ , وَحَقُّ الْمُقَاتِلَةِ فِي أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهِ فَلَوْ أَجَزْنَا النَّفَلَ إِذًا لَكَانَ حَقُّهُمْ قَدْ بَطَلَ بَعْدَ وُجُوبِهِ , وَإِنَّمَا يَجُوزُ النَّفَلُ فِيمَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمُنَفِّلِ , مِنْ مِلْكِ الْعَدُوِّ وَأَمَّا مَا قَدْ زَالَ عَنْ مِلْكِ الْعَدُوِّ قَبْلَ ذَلِكَ , وَصَارَ فِي مِلْكِ الْمُسْلِمِينَ , فَلَا نَفْلَ فِي ذَلِكَ , لِأَنَّهُ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنْ لَا نَفْلَ بَعْدَ إِحْرَازِ الْغَنِيمَةِ عَلَى مَا قَدْ فَصَّلْنَا فِي هَذَا الْبَابِ , وَبَيَّنَّا وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ , رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ