للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٢٤٠ - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ , قَالَ: ثنا ابْنُ عَوْنٍ الزِّيَادِيُّ , قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ , قَالَ: ثنا أَبُو الزُّبَيْرِ , عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «أَفَاءَ اللهُ خَيْبَرَ , فَأَقَرَّهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا كَانُوا , وَجَعَلَهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ , فَبَعَثَ عَبْدَ اللهِ بْنَ رَوَاحَةَ، فَخَرَصَهَا عَلَيْهِمْ»

٥٢٤١ - حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ , ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ قَسَمَ خَيْبَرَ بِكَمَالِهَا , وَلَكِنَّهُ قَسَمَ طَائِفَةً مِنْهَا , عَلَى مَا احْتَجَّ بِهِ عُمَرُ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ , وَتَرَكَ طَائِفَةً مِنْهَا فَلَمْ يَقْسِمْهَا , عَلَى مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , وَابْنِ عُمَرَ , وَجَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ فِي هَذِهِ الْآثَارِ الْأُخَرِ , وَالَّذِي كَانَ قُسِمَ مِنْهَا هُوَ الشِّقُّ وَالْبِطَاهُ , وَتُرِكَ سَائِرُهَا , فَعَلِمْنَا بِذَلِكَ أَنَّهُ قَسَمَ , وَلَهُ أَنْ يَقْسِمَ , وَتَرَكَ , وَلَهُ أَنْ يَتْرُكَ , فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّهُ هَكَذَا حُكْمُ الْأَرْضِينَ الْمُفْتَتَحَةِ لِلْإِمَامِ , فَيَقْسِمُهَا إِنْ رَأَى ذَلِكَ صَلَاحًا لِلْمُسْلِمِينَ , كَمَا قَسَمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَسَمَ مِنْ خَيْبَرَ , وَلَهُ تَرْكُهَا إِنْ رَأَى فِي ذَلِكَ صَلَاحًا لِلْمُسْلِمِينَ أَيْضًا , كَمَا تَرَكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَرَكَ مِنْ خَيْبَرَ , يَفْعَلُ ذَلِكَ مَا رَأَى مِنْ ذَلِكَ عَلَى التَّحَرِّي مِنْهُ لِصَلَاحِ الْمُسْلِمِينَ , وَقَدْ فَعَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي أَرْضِ السَّوَادِ مِثْلَ ذَلِكَ أَيْضًا , فَتَرَكَهَا لِلْمُسْلِمِينَ أَرْضَ خَرَاجٍ , لِيَنْتَفِعَ بِهَا مَنْ يَجِيءُ مِنْ بَعْدِهِ مِنْهُمْ , كَمَا يَنْتَفِعُ بِهَا مَنْ كَانَ فِي عَصْرِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ , فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ , لَمْ يَفْعَلْ فِي السَّوَادِ مَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ , مِنْ جِهَةِ مَا قُلْتُمْ , وَلَكِنَّ الْمُسْلِمِينَ , جَمِيعًا رَضُوا بِذَلِكَ , وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُمْ قَدْ كَانُوا رَضُوا بِذَلِكَ , أَنَّهُ جَعَلَ الْجِزْيَةَ عَلَى رِقَابِهِمْ , فَلَمْ يَخْلُ ذَلِكَ مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ , إِمَّا أَنْ يَكُونَ جَعَلَهَا عَلَيْهِمْ ضَرِيبَةً لِلْمُسْلِمِينَ , لِأَنَّهُمْ عَبِيدٌ لَهُمْ , أَوْ يَكُونُ جَعَلَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ , كَمَا يَجْعَلُ الْجِزْيَةَ عَلَى الْأَحْرَارِ , لِيَحْقِنَ بِذَلِكَ دِمَاءَهُمْ , فَرَأَيْنَا قَدْ أُهْمِلَ نِسَاؤُهُمْ وَمَشَائِخُهُمْ , وَأَهْلُ الزَّمَانَةِ مِنْهُمْ , وَصِبْيَانُهُمْ , وَإِنْ كَانُوا قَادِرِينَ عَلَى الِاكْتِسَابِ , أَكْثَرَ مِمَّا يَقْدِرُ عَلَيْهِ بَعْضُ الْبَالِغِينَ , فَلَمْ يَجْعَلْ عَلَى أَحَدٍ مِمَّنْ ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا , فَدَلَّ مَا بَقِيَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَا أَوْجَبَ لَيْسَ لِعِلَّةِ الْمِلْكِ , وَلَكِنَّهُ , لِعِلَّةِ الذِّمَّةِ وَقَبْلَ ذَلِكَ جَمِيعُ مَا افْتُتِحَ مِنْ تِلْكَ الْأَرْضِ أَخْذُهُمْ ذَلِكَ مِنْهُمْ دَلِيلٌ عَلَى إِجَارَتِهِمْ لَمَّا كَانَ عُمَرُ فَعَلَ ذَلِكَ , ثُمَّ رَأَيْنَاهُ وَضَعَ عَلَى الْأَرْضِ شَيْئًا مُخْتَلِفًا , فَوَضَعَ عَلَى جَرِيبِ الْكَرْمِ شَيْئًا مَعْلُومًا , وَوَضَعَ عَلَى جَرِيبِ الْحِنْطَةِ شَيْئًا مَعْلُومًا , وَأَهْمَلَ النَّخْلَ فَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهَا شَيْئًا , ⦗٢٤٨⦘ فَلَمْ يَخْلُ ذَلِكَ مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ , إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَلَكَ بِهِ الْقَوْمُ الَّذِينَ قَدْ ثَبَتَ حُرْمَتُهُمْ بِثِمَارِ أَرَضِيهِمْ , وَالْأَرْضُ مِلْكٌ لِلْمُسْلِمِينَ , أَوْ يَكُونَ جَعَلَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ , كَمَا جَعَلَ الْخَرَاجَ عَلَى رِقَابِهِمْ , وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْخَرَاجُ يَجِبُ إِلَّا فِيمَا مَلَكَهُ لِغَيْرِ أَخْذِ الْخَرَاجِ , فَإِنْ حَمَلْنَا ذَلِكَ عَلَى التَّمْلِيكِ , مِنْ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِيَّاهُمْ ثَمَرَ النَّخْلِ وَالْكَرْمِ , بِمَا جَعَلَ عَلَيْهِمْ مِمَّا ذَكَرْنَا , جَعَلَ فِعْلَهُ ذَلِكَ قَدْ دَخَلَ فِيمَا قَدْ «نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , مِنْ بَيْعِ السِّنِينَ , وَمِنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ» فَاسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ , وَلَكِنَّ الْأَمْرَ عِنْدَنَا عَلَى أَنَّ تَمْلِيكَهُ لَهُمُ الْأَرْضَ الَّتِي أَوْجَبَ هَذَا عَلَيْهِمْ فِيمَا قَدْ تَقَدَّمَ , عَلَى أَنْ يَكُونَ مِلْكُهُمْ لِذَلِكَ , مِلْكَ خَرَاجِيٍّ , فَهَذَا حُكْمُهُ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ فِيهِ , وَقَبِلَ النَّاسُ جَمِيعًا مِنْهُ ذَلِكَ , وَأَخَذُوا مِنْهُ مَا أَعْطَاهُمْ مِمَّا أَخَذَ مِنْهُمْ , فَكَانَ قَبُولُهُمْ لِذَلِكَ إِجَازَةً مِنْهُمْ لِفِعْلِهِ , قَالُوا فَلِهَذَا جَعَلْنَا أَهْلَ السَّوَادِ مَالِكِينَ لِأَرْضِهِمْ , وَجَعَلْنَاهُمْ أَحْرَارًا بِالْعِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ , وَكُلُّ هَذَا إِنَّمَا كَانَ بِإِجَازَةِ الْقَوْمِ الَّذِينَ غَنِمُوا تِلْكَ الْأَرْضَ , وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا جَازَ , وَلَكَانُوا عَلَى مِلْكِهِمْ , قَالُوا: فَكَذَلِكَ نَقُولُ: كُلُّ أَرْضٍ مُفْتَتَحَةٍ عَنْوَةً , فَحُكْمُهَا أَنْ تُقْسَمَ كَمَا تُقْسَمُ الْأَمْوَالُ , خُمُسُهَا لِلَّهِ , وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا لِلَّذِينَ افْتَتَحُوهَا , لَيْسَ لِلْإِمَامِ مَنْعُهُمْ مِنْ ذَلِكَ , إِلَّا أَنْ تَطِيبَ أَنْفُسُ الْقَوْمِ بِتَرْكِهَا , كَمَا طَابَتْ أَنْفُسُ الَّذِينَ افْتَتَحُوا السَّوَادَ لِعُمَرَ بِمَا ذَكَرْنَا , فَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ لِلْآخَرِينَ عَلَيْهِمْ: أَنَّا نَعْلَمُ أَنَّ أَرْضَ السَّوَادِ لَوْ كَانَتْ كَمَا ذَكَرَ أَهْلُ الْمَقَالَةِ الْأُولَى , لَكَانَ قَدْ وَجَبَ فِيهَا خُمُسُ اللهِ بَيْنَ أَهْلِهِ الَّذِينَ جَعَلَهُ اللهُ لَهُمْ , وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ الْخُمُسَ وَلَا شَيْئًا مِنْهُ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ , وَقَدْ كَانَ أَهْلُ السَّوَادِ الَّذِينَ أَقَرَّهُمْ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ صَارُوا أَهْلَ الذِّمَّةِ , وَقَدْ كَانَ السَّوَادُ بِأَسْرِهِ فِي أَيْدِيهِمْ , فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ مَا فَعَلَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ , كَانَ مِنْ جِهَةٍ غَيْرِ الْجِهَةِ الَّتِي ذَكَرُوا , وَهُوَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَجَبَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ خُمُسٌ , وَكَذَلِكَ مَا فَعَلَ فِي رِقَابِهِمْ , فَمَنَّ عَلَيْهِمْ بِأَنْ أَقَرَّهُمْ فِي أَرَضِيهِمْ , وَنَفَى الرِّقَّ مِنْهُمْ , وَأَوْجَبَ الْخَرَاجَ عَلَيْهِمْ فِي رِقَابِهِمْ وَأَرَضِيهِمْ , فَمَلَكُوا بِذَلِكَ أَرَضِيهِمْ , وَانْتَفَى الرِّقُّ عَنْ رِقَابِهِمْ , فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَفْعَلَ هَذَا بِمَا افْتُتِحَ عَنْوَةً , فَنَفَى عَنْ أَهْلِهَا رَقَّ الْمُسْلِمِينَ , وَعَنْ أَرَضِيهِمْ مِلْكَ الْمُسْلِمِينَ , وَيُوجِبُ ذَلِكَ لِأَهْلِهَا , وَيَضَعُ عَلَيْهِمْ مَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ وَضْعُهُ , مِنَ الْخَرَاجِ , كَمَا فَعَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ , بِحَضْرَةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ⦗٢٤٩⦘ وَاحْتَجَّ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ {مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [الحشر: ٧] , ثُمَّ قَالَ {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ} [الحشر: ٨] فَأَدْخَلَهُمْ مَعَهُمْ , ثُمَّ قَالَ {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ} يُرِيدُ بِذَلِكَ الْأَنْصَارَ , فَأَدْخَلَهُمْ مَعَهُمْ , ثُمَّ قَالَ: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} فَأَدْخَلَ فِيهَا جَمِيعَ مَنْ يَجِيءُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ , فَلِلْإِمَامِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ , وَيَضَعَهُ حَيْثُ رَأَى وَضْعَهُ , فِيمَا سَمَّى اللهُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ , فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ , وَسُفْيَانُ , وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ , رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمْ , فَإِنِ احْتَجَّ فِي ذَلِكَ مُحْتَجٌّ , بِمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>