عَنْ سَالِمٍ , عَنْ أَبِيهِ , أَنَّ غَيْلَانَ بْنَ سَلَمَةَ طَلَّقَ نِسَاءَهُ , وَقَسَمَ مَالَهُ , فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرُ , فَأَمَرَهُ أَنْ يَرْتَجِعَ نِسَاءَهُ وَمَالَهُ وَقَالَ: «لَوْ مِتَّ عَلَى ذَلِكَ , لَرَجَمْتُ قَبْرَكَ , كَمَا رُجِمَ قَبْرُ أَبِي وَغَّالٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ» فَأَخْطَأَ مَعْمَرٌ فَجَعَلَ إِسْنَادَ هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي فِيهِ كَلَامُ عُمَرَ , لِلْحَدِيثِ الَّذِي فِيهِ كَلَامُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفَسَدَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ , ثُمَّ لَوْ ثَبَتَ , عَلَى مَا رَوَاهُ عَبْدُ الْأَعْلَى , عَنْ مَعْمَرٍ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , لَمَا كَانَتْ أَيْضًا فِيهِ حُجَّةٌ عِنْدَنَا , عَلَى مَنْ ذَهَبَ إِلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ , وَأَبُو يُوسُفَ , رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمَا فِي ذَلِكَ , لِأَنَّ تَزْوِيجَ غَيْلَانَ ذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ , قَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ , عَنْ مَعْمَرٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ , ⦗٢٥٤⦘
٥٢٥٦ - حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَاسِطِيُّ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ مَعْمَرٍ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنْ سَالِمٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , بِمِثْلِ حَدِيثِ أَحْمَدَ بْنِ دَاوُدَ , وَزَادَ " إِنَّهُ كَانَ تَزَوَّجَهُنَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَكَانَ تَزْوِيجُ غَيْلَانَ لِلنِّسْوَةِ اللَّاتِي كُنَّ عِنْدَهُ حِينَ أَسْلَمَ فِي وَقْتٍ كَانَ تَزَوُّجُ ذَلِكَ الْعَدَدِ جَائِزًا , وَالنِّكَاحُ عَلَيْهِ ثَابِتٌ , وَلَمْ يَكُنْ لِلْوَاحِدَةِ حِينَئِذٍ , مِنْ ثُبُوتِ النِّكَاحِ إِلَّا مَا لِلْعَاشِرَةِ مِثْلُهُ , ثُمَّ أَحْدَثَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ حُكْمًا آخَرَ , وَهُوَ تَحْرِيمُ مَا فَوْقَ الْأَرْبَعِ , فَكَانَ ذَلِكَ حُكْمًا طَارِئًا , طَرَأَتْ بِهِ حُرْمَةٌ حَادِثَةٌ عَلَى نِكَاحِ غَيْلَانَ , فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِذَلِكَ , أَنْ يُمْسِكَ مِنَ النِّسَاءِ الْعَدَدَ الَّذِي أَبَاحَهُ اللهُ , وَيُفَارِقُ مَا سِوَى ذَلِكَ , وَجَعَلَ كَرَجُلٍ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ , فَطَلَّقَ إِحْدَاهُنَّ , فَحُكْمُهُ أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً فَيَجْعَلُ ذَلِكَ الطَّلَاقَ عَلَيْهَا , وَيُمْسِكُ الْأُخْرَى , وَكَذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ , وَأَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللهُ يَقُولَانِ فِي هَذَا , فَأَمَّا مَنْ تَزَوَّجَ عَشْرَ نِسْوَةٍ , بَعْدَ تَحْرِيمِ اللهِ مَا جَاوَزَ الْأَرْبَعَ فِي عُقْدَةٍ وَاحِدَةٍ , فَإِنَّهُ إِنَّمَا عَقَدَ النِّكَاحَ عَلَيْهِنَّ عَقْدًا فَاسِدًا , فَلَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ لَهُ نِكَاحٌ , أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ ذَاتَ رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ , وَهُوَ مُشْرِكٌ , ثُمَّ أَسْلَمَ، أَنَّهَا لَا تُقَرُّ تَحْتَهُ , وَإِنْ كَانَ عَقْدُهُ لِذَلِكَ كَانَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَهُوَ مُشْرِكٌ , فَلَمَّا كَانَ هَذَا يُرَدُّ حُكْمُهُ فِيهِ إِلَى حُكْمِ نِكَاحَاتِ الْمُسْلِمِينَ فِيمَا يَعْقِدُونَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ , كَانَ كَذَلِكَ أَيْضًا حُكْمُهُ فِي الْعَشْرِ نِسْوَةً اللَّاتِي تَزَوَّجَهُنَّ وَهُوَ مُشْرِكٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ , يُرَدُّ حُكْمُهُ فِي ذَلِكَ إِلَى حُكْمِ الْمُسْلِمِينَ فِي نِكَاحَاتِهِمْ , فَإِنْ كَانَ تَزَوَّجَهُنَّ فِي عُقْدَةٍ وَاحِدَةٍ , فَنِكَاحُهُنَّ بَاطِلٌ , وَإِنْ كَانَ تَزَوَّجَهُنَّ فِي عُقَدٍ مُتَفَرِّقَةٍ , جَازَ نِكَاحُ الْأَرْبَعِ الْأُوَلِ مِنْهُنَّ , وَبَطَلَ نِكَاحُ سَائِرِهِنَّ , فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ تَرَكَ أَبُو حَنِيفَةَ , وَأَبُو يُوسُفَ قَوْلَهُمَا , فِي شَيْءٍ قَالَاهُ فِي هَذَا الْمَعْنَى , وَذَلِكَ أَنَّهُمَا قَالَا فِي رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ سُبِيَ وَلَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ , وَسُبِينَ مَعَهُ: إِنَّ نِكَاحَهُنَّ كُلِّهِنَّ قَدْ فَسَدَ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُنَّ , قَالَ: فَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي , عَلَى مَا حَمَلَا عَلَيْهِ حَدِيثَ غَيْلَانَ , أَنْ يَجْعَلَا لَهُ أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُنَّ اثْنَيْنِ فَيُمْسِكُهُمَا , وَيُفَارِقُ الِاثْنَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ , لِأَنَّ نِكَاحَ الْأَرْبَعِ قَدْ كَانَ كُلُّهُ ثَابِتًا صَحِيحًا , وَإِنَّمَا طَرَأَ الرِّقُّ عَلَيْهِ , فَحَرَّمَ عَلَيْهِ مَا فَوْقَ الِاثْنَتَيْنِ كَمَا أَنَّهُ لَمَّا طَرَأَ حُكْمُ اللهِ فِي تَحْرِيمِ مَا فَوْقَ الْأَرْبَعِ , «أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْلَانَ بِاخْتِيَارِ أَرْبَعٍ مِنْ نِسَائِهِ , وَفَارَقَ سَائِرَهُنَّ» قِيلَ لَهُ: مَا خَرَجَ أَبُو حَنِيفَةَ , وَأَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللهُ بِمَا ذَكَرْتَ , عَنْ أَصْلِهِمَا , وَلَكِنَّهُمَا ذَهَبَا إِلَى مَا قَدْ خَفِيَ عَلَيْكَ , وَذَلِكَ أَنَّ هَذَا كَانَ تَزَوَّجَ الْأَرْبَعَ فِي وَقْتٍ مَا تَزَوَّجَهُنَّ بَعْدَمَا حُرِّمَ عَلَى الْعَبْدِ تَزَوُّجِ مَا فَوْقَ الِاثْنَتَيْنِ , ⦗٢٥٥⦘ فَإِذَا تَزَوَّجَ , وَهُوَ حَرْبِيٌّ فِي دَارِ الْحَرْبِ , مَا فَوْقَ اثْنَتَيْنِ , ثُمَّ سُبِيَ وَسُبِينَ مَعَهُ , رُدَّ حُكْمُهُ فِي ذَلِكَ إِلَى حُكْمِ تَحْرِيمٍ , قَدْ كَانَ قَبْلَ نِكَاحِهِ , فَصَارَ كَأَنَّهُ تَزَوَّجَهُنَّ فِي عُقَدٍ بَعْدَمَا صَارَ رَقِيقًا , وَهُوَ فِي ذَلِكَ , كَرَجُلٍ تَزَوَّجَ صَبِيَّتَيْنِ صَغِيرَتَيْنِ , فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ فَأَرْضَعَتْهُمَا مَعًا , فَإِنَّهُمَا تَبِينَانِ مِنْهُ جَمِيعًا , وَلَا يُؤْمَرُ بِأَنْ يَخْتَارَ إِحْدَاهُمَا فَيُمْسِكُهَا , وَيُفَارِقُ الْأُخْرَى , لِأَنَّ حُرْمَةَ الرَّضَاعِ طَرَأَتْ عَلَيْهِ بَعْدَ نِكَاحِهِ إِيَّاهُمَا , وَكَذَلِكَ الرِّقُّ الطَّارِئُ عَلَى النِّكَاحِ , الَّذِي وَصَفْنَا , حُكْمُهُ حُكْمُ هَذَا الرَّضَاعِ الَّذِي ذَكَرْنَا , وَهُمَا جَمِيعًا مُفَارِقَانِ , لِمَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَيْلَانَ بْنِ سَلَمَةَ , لِأَنَّ غَيْلَانَ لَمْ يَكُنْ حُرْمَةُ اللهِ لِمَا فَوْقَ الْأَرْبَعِ , تَقَدَّمَتْ نِكَاحَهُ فَيُرَدُّ حُكْمُ نِكَاحِهِ إِلَيْهَا , وَإِنَّمَا طَرَأَتِ الْحُرْمَةُ عَلَى نِكَاحِهِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ كُلِّهِ , فَرُدَّتْ حُرْمَةُ مَا حَرَّمَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ إِلَى حُكْمٍ حَادِثٍ بَعْدَ النِّكَاحِ , فَوَجَبَ لَهُ بِذَلِكَ الْخِيَارُ , كَمَا يَجِبُ لَهُ فِي الطَّلَاقِ الَّذِي ذَكَرْنَا , فَإِنِ احْتَجُّوا أَيْضًا فِي ذَلِكَ , بِمَا