٥٤٨٠ - حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّدَفِيُّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ أَنَّ بُسْرَ بْنَ سَعِيدٍ حَدَّثَهُ , عَنْ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهُ أَرْسَلَ غُلَامًا لَهُ بِصَاعٍ مِنْ قَمْحٍ هُوَ الْحِنْطَةُ، فَقَالَ لَهُ: بِعْهُ ثُمَّ اشْتَرِ بِهِ شَعِيرًا , فَذَهَبَ الْغُلَامُ فَأَخَذَ صَاعًا وَزِيَادَةَ بَعْضِ صَاعٍ , فَلَمَّا جَاءَ مَعْمَرٌ أَخْبَرَهُ , فَقَالَ لَهُ مَعْمَرٌ: لِمَ فَعَلْتَ؟ انْطَلِقْ فَرُدَّهُ , وَلَا تَأْخُذْ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ , فَإِنِّي كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ «الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ , مِثْلًا بِمِثْلٍ» وَكَانَ طَعَامُنَا يَوْمَئِذٍ , الشَّعِيرَ. قِيلَ لَهُ: فَإِنَّهُ لَيْسَ مِثْلَهُ , قَالَ: إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُضَارِعَهُ (أَنْ يُشْبِهَهُ) قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى هَذَا الْحَدِيثِ فَقَلَّدُوهُ , وَقَالُوا: لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْحِنْطَةِ بِالشَّعِيرِ , إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ. وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ , فَقَالُوا: لَا بَأْسَ بِبَيْعِ الْحِنْطَةِ بِالشَّعِيرِ مُتَفَاضِلًا , مِثْلَيْنِ بِمِثْلٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ لَهُمْ عَلَى أَهْلِ الْمَقَالَةِ الْأُولَى فِي الْحَدِيثِ الَّذِي احْتَجُّوا بِهِ عَلَيْهِمْ , أَنَّ مَعْمَرًا أَخْبَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَسْمَعُهُ يَقُولُ «الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ , مِثْلًا بِمِثْلٍ» ثُمَّ قَالَ مَعْمَرٌ: وَكَانَ طَعَامُنَا يَوْمَئِذٍ الشَّعِيرَ. فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ الَّذِي حَكَاهُ عَنْهُ مَعْمَرٌ , الطَّعَامَ الَّذِي كَانَ طَعَامَهُمْ يَوْمَئِذٍ , فَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَى الشَّعِيرِ بِالشَّعِيرِ , فَلَا يَكُونُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ شَيْءٌ مِنْ ذِكْرِ بَيْعِ الْحِنْطَةِ بِالشَّعِيرِ , مِمَّا ذَكَرَ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا هُوَ مَذْكُورٌ عَنْ مَعْمَرٍ , مِنْ رَأْيِهِ , وَمِنْ تَأْوِيلِهِ مَا كَانَ سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: فَإِنَّهُ لَيْسَ مِثْلَهُ , أَيْ: لَيْسَ مِنْ نَوْعِهِ , فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَى مَنْ قَالَهُ , وَكَانَ جَوَابُهُ لَهُ «إِنِّي أَخْشَى أَنْ يُضَارِعَهُ» كَأَنَّهُ خَافَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي سَمِعَهُ يَقُولُهُ , وَهُوَ مَا ذَكَرْنَا فِي حَدِيثِهِ عَلَى الْأَطْعِمَةِ كُلِّهَا فَتَوَقَّى ذَلِكَ وَتَنَزَّهَ عَنْهُ , لِلرَّيْبِ الَّذِي وَقَعَ فِي قَلْبِهِ مِنْهُ. فَلَمَّا انْتَفَى أَنْ يَكُونَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةٌ لِأَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ عَلَى صَاحِبِهِ , نَظَرْنَا هَلْ فِي غَيْرِهِ مَا يَدُلُّنَا عَلَى حُكْمِ ذَلِكَ كَيْفَ هُوَ؟ ⦗٤⦘ فَاعْتَبَرْنَا ذَلِكَ ,
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute