٥٥٠٦ - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا تَسْتَقْبِلُوا الْجَلَبَ , وَلَا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ , وَالْبَائِعُ بِالْخِيَارِ إِذَا دَخَلَ السُّوقَ» فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ تَلَقِّي الْجَلَبِ , ثُمَّ جَعَلَ لِلْبَائِعِ فِي ذَلِكَ الْخِيَارَ , إِذَا دَخَلَ السُّوقَ , وَالْخِيَارُ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي بَيْعٍ صَحِيحٍ , لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فَاسِدًا , لَأُجْبِرَ بَائِعُهُ وَمُشْتَرِيهِ عَلَى فَسْخِهِ , وَلَمْ يَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا , الْإِبَاءُ عَنْ ذَلِكَ. فَلَمَّا جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخِيَارَ فِي ذَلِكَ لِلْبَيِّعِ , ثَبَتَ بِذَلِكَ صِحَّتُهُ , وَإِنْ كَانَ مَعَهُ تَلَقٍّ مَنْهِيٌّ عَنْهُ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَأَنْتُمْ لَا تَجْعَلُونَ الْخِيَارَ لِلْبَائِعِ الْمُتَلَقَّى , كَمَا جَعَلَهُ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ. فَجَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ , وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ , أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ , مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا» وَتَوَاتَرَتْ عَنْهُ الْآثَارُ بِذَلِكَ , وَسَنَذْكُرُهَا فِي مَوْضِعِهَا مِنْ هَذَا الْكِتَابِ , إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. فَعَلِمْنَا بِذَلِكَ , أَنَّهُمَا إِذَا تَفَرَّقَا , فَلَا خِيَارَ لَهُمَا. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَأَنْتَ قَدْ جَعَلْتَ لِمَنِ اشْتَرَى , مَا لَمْ يَرَ , خِيَارَ الرُّؤْيَةِ , حَتَّى يَرَاهُ فَيَرْضَاهُ , فِيمَا أَنْكَرْتَ أَنْ يَكُونَ خِيَارُ الْتَلَقِّي كَذَلِكَ أَيْضًا؟ قِيلَ لَهُ: إِنَّ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ , لَمْ نُوجِبْهُ قِيَاسًا , وَإِنَّمَا وَجَدْنَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَثْبَتُوهُ وَحَكَمُوا بِهِ , وَأَجْمَعُوا عَلَيْهِ , وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِيهِ. وَإِنَّمَا جَاءَ الِاخْتِلَافُ فِي ذَلِكَ مِمَّنْ بَعْدَهُمْ , فَجَعَلْنَا ذَلِكَ خَارِجًا مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ حَتَّى يَتَفَرَّقَا» وَعَلِمْنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَعْنِ ذَلِكَ , لِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى خُرُوجِهِ مِنْهُ , كَمَا عَلِمْنَا بِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى تَجْوِيزِ السَّلَمِ , أَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ نَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ. ⦗١٠⦘ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَهَلْ رَوَيْتُمْ عَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ شَيْئًا؟ قِيلَ لَهُ: نَعَمْ ,
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute