٥٥٥١ - حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ , قَالَ: أَخْبَرَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ سُهَيْلَ بْنَ أَبِي صَالِحٍ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنِ ابْتَاعَ شَاةً مُصَرَّاةً , فَهُوَ فِيهَا بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ , فَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا , وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا , وَرَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ»
٥٥٥٢ - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَسَدٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ , وَحَبِيبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: «رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ طَعَامٍ , لَا سَمْرَاءَ» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الشَّاةَ الْمُصَرَّاةَ إِذَا اشْتَرَاهَا رَجُلٌ فَحَلَبَهَا , فَلَمْ يَرْضَ حِلَابَهَا , فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ , كَانَ بِالْخِيَارِ , إِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا , وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا , وَرَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ , وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِهَذِهِ الْآثَارِ. وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: يَرُدُّهَا وَيَرُدُّ مَعَهَا قِيمَةَ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ. وَقَدْ كَانَ أَبُو يُوسُفَ أَيْضًا قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ فِي بَعْضِ أَمَالِيهِ , غَيْرَ أَنَّهُ لَيْسَ بِالْمَشْهُورِ عَنْهُ. وَخَالَفَ ذَلِكَ كُلَّهُ آخَرُونَ , فَقَالُوا: لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي رَدُّهَا بِالْعَيْبِ , وَلَكِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ. وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ , أَبُو حَنِيفَةَ , وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمَا. وَذَهَبُوا إِلَى أَنَّ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ , مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ فِي هَذَا الْبَابِ , مَنْسُوخٌ. فَرُوِيَ عَنْهُمْ هَذَا الْكَلَامُ مُجْمَلًا , ثُمَّ اخْتُلِفَ عَنْهُمْ مِنْ بَعْدُ فِي الَّذِي نَسَخَ ذَلِكَ مَا هُوَ؟ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ , فِيمَا أَخْبَرَنِي عَنْهُ ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ , نَسَخَهُ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا» وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ بِأَسَانِيدِهِ , فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ. فَلَمَّا قَطَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْفُرْقَةِ الْخِيَارَ , ثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لِأَحَدٍ بَعْدَهَا إِلَّا لِمَنِ اسْتَثْنَاهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِقَوْلِهِ «إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ» . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهَذَا التَّأْوِيلُ , عِنْدِي , فَاسِدٌ لِأَنَّ الْخِيَارَ الْمَجْعُولَ فِي الْمُصَرَّاةِ , إِنَّمَا هُوَ خِيَارُ عَيْبٍ , وَخِيَارُ الْعَيْبِ لَا يَقْطَعُهُ الْفُرْقَةُ. أَلَا تَرَى أَنَّ رَجُلًا لَوِ اشْتَرَى عَبْدًا فَقَبَضَهُ , وَتَفَرَّقَا , ثُمَّ رَأَى بِهِ عَيْبًا بَعْدَ ذَلِكَ , أَنَّ لَهُ رَدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ , بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ , لَا يَقْطَعُ ذَلِكَ التَّفَرُّقُ , الَّذِي رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْآثَارِ الْمَذْكُورَةِ عَنْهُ فِي ذَلِكَ. فَكَذَلِكَ الْمُبْتَاعُ لِلشَّاةِ الْمُصَرَّاةِ , فَإِذَا قَبَضَهَا فَاحْتَلَبَهَا , فَعَلِمَ أَنَّهَا عَلَى غَيْرِ مَا كَانَ ظَهَرَ لَهُ مِنْهَا , وَكَانَ ذَلِكَ لَا يَعْلَمُهُ فِي احْتِلَابِهِ مَرَّةً وَلَا مَرَّتَيْنِ , جُعِلَتْ لَهُ فِي ذَلِكَ هَذِهِ الْمُدَّةُ , وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ , حَتَّى يَحْلُبَهَا فِي ذَلِكَ , فَيَقِفَ عَلَى حَقِيقَةِ مَا هِيَ عَلَيْهِ. فَإِنْ كَانَ بَاطِنُهَا كَظَاهِرِهَا , فَقَدْ لَزِمَتْهُ وَاسْتَوْفَى مَا اشْتَرَى. ⦗٢٠⦘ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهَا بِخِلَافِ بَاطِنِهَا , فَقَدْ ثَبَتَ الْعَيْبُ , وَوَجَبَ لَهُ رَدُّهَا بِهِ. فَإِنْ حَلَبَهَا بَعْدَ الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ , فَقَدْ حَلَبَهَا بَعْدَ عِلْمِهِ بِعَيْبِهَا , فَذَلِكَ رِضَاءٌ مِنْهُ بِهَا. فَلِهَذِهِ الْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرْتُ , وَجَبَ فَسَادُ التَّأْوِيلِ الَّذِي وَصَفْتُ. وَقَالَ عِيسَى بْنُ أَبَانَ: كَانَ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْحُكْمِ فِي الْمُصَرَّاةِ , بِمَا فِي الْآثَارِ الْأُوَلِ , فِي وَقْتِ مَا كَانَتِ الْعُقُوبَاتُ فِي الذُّنُوبِ , يُؤْخَذُ بِهَا الْأَمْوَالُ. فَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الزَّكَاةِ أَنَّهُ «مَنْ أَدَّاهَا طَائِعًا , فَلَهُ أَجْرُهَا , وَإِلَّا أَخَذْنَاهَا مِنْهُ وَشَطْرَ مَالِهِ , عَزْمَةً مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ» . وَمِنْ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْهُ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ فِي سَارِقِ الثَّمَرَةِ الَّتِي لَمْ تُحْرَزْ فَإِنَّهُ يُضْرَبُ جَلَدَاتٍ , وَيَغْرَمُ مِثْلَيْهَا. وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ بِأَسَانِيدِهِ فِي بَابِ وَطْءِ الرَّجُلِ جَارِيَةَ امْرَأَتِهِ، فَأَغْنَانَا ذَلِكَ عَنْ إِعَادَةِ ذِكْرِهَا هَاهُنَا. قَالَ: فَلَمَّا كَانَ الْحُكْمُ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ كَذَلِكَ حَتَّى نَسَخَ اللهُ الرِّبَا أُفْرِدَتِ الْأَشْيَاءُ الْمَأْخُوذَةُ إِلَى أَمْثَالِهَا , إِنْ كَانَتْ لَهَا أَمْثَالٌ , وَإِلَى قِيمَتِهَا , إِنْ كَانَتْ لَا أَمْثَالَ لَهَا , وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَهَى عَنِ التَّصْرِيَةِ , وَرُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ