للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٦٤٧ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ , عَنِ الشَّعْبِيِّ , عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّهُ كَانَ يَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جَمَلٍ لَهُ فَأَعْيَاهُ , فَأَدْرَكَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا شَأْنُكَ يَا جَابِرُ؟» فَقَالَ: أُعْيِيَ نَاضِحِي يَا رَسُولَ اللهِ فَقَالَ: «أَمَعَكَ شَيْءٌ؟» فَأَعْطَاهُ قَضِيبًا أَوْ عُودًا , فَنَخَسَهُ بِهِ , أَوْ قَالَ ضَرَبَهُ , فَسَارَ سَيْرَةً لَمْ يَكُنْ يَسِيرُ مِثْلَهَا. فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بِعْنِيهِ بِأُوقِيَّةٍ» قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ , هُوَ نَاضِحُكَ. قَالَ: فَبِعْتُهُ بِأُوقِيَّةٍ , وَاسْتَثْنَيْتُ حُمْلَانَهُ , حَتَّى أُقْدِمَ عَلَى أَهْلِي , فَلَمَّا قَدِمْتُ أَتَيْتُهُ بِالْبَعِيرِ، فَقُلْتُ: هَذَا بَعِيرُكَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «لَعَلَّكَ تَرَى أَنِّي إِنَّمَا حَبَسْتُكَ , لِأَذْهَبَ بِبَعِيرِكَ , يَا بِلَالُ , أَعْطِهِ مِنَ الْعَيْبَةِ أُوقِيَّةً وَقَالَ انْطَلِقْ بِبَعِيرِكَ , فَهُمَا لَكَ» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا بَاعَ مِنْ رَجُلٍ دَابَّةً , بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ , عَلَى أَنْ يَرْكَبَهَا الْبَائِعُ إِلَى مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ , أَنَّ الْبَيْعَ جَائِزٌ , وَالشَّرْطَ جَائِزٌ , وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِحَدِيثِ جَابِرٍ هَذَا. ⦗٤٢⦘ وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ , ثُمَّ افْتَرَقَ الْمُخَالِفُونَ لَهُمْ عَلَى فِرْقَتَيْنِ , فَقَالَتْ فِرْقَةٌ: الْبَيْعُ جَائِزٌ , وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: الْبَيْعُ فَاسِدٌ , وَسَنُبَيِّنُ مَا ذَهَبَتْ إِلَيْهِ الْفِرْقَتَانِ جَمِيعًا , فِي هَذَا الْبَابِ , إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. فَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ لِهَاتَيْنِ الْفِرْقَتَيْنِ جَمِيعًا , عَلَى الْفِرْقَةِ الْأُولَى فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الَّذِي ذَكَرْنَا , أَنَّ فِيهِ مَعْنَيَيْنِ , يَدُلَّانِ أَنْ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ. فَأَمَّا أَحَدُ الْمَعْنَيَيْنِ , فَإِنَّ مُسَاوَمَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِجَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ , إِنَّمَا كَانَتْ عَلَى الْبَعِيرِ , وَلَمْ يَشْتَرِطْ فِي ذَلِكَ لِجَابِرٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ رُكُوبًا , قَالَ جَابِرٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: فَبِعْتُهُ وَاسْتَثْنَيْتُ حُمْلَانَهُ إِلَى أَهْلِي. فَوَجْهُ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْبَيْعَ إِنَّمَا كَانَ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ الْمُسَاوَمَةُ , مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ لِلرُّكُوبِ مِنْ بَعْدُ , فَكَانَ ذَلِكَ الِاسْتِثْنَاءُ مَفْصُولًا مِنَ الْبَيْعِ , لِأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ بَعْدَهُ , فَلَيْسَ فِي ذَلِكَ حُجَّةٌ تَدُلُّنَا كَيْفَ حُكْمُ الْبَيْعِ , لَوْ كَانَ ذَلِكَ الِاسْتِثْنَاءُ مَشْرُوطًا فِي عُقْدَتِهِ , هَلْ هُوَ كَذَلِكَ أَمْ لَا؟ وَأَمَّا الْحُجَّةُ الْأُخْرَى , فَإِنَّ جَابِرًا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: فَلَمَّا قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَعِيرِ , فَقُلْتُ: هَذَا بَعِيرُكَ يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ لَعَلَّكَ تَرَى أَنِّي إِنَّمَا حَبَسْتُكَ لِأَذْهَبَ بِبَعِيرِكَ , يَا بِلَالُ أَعْطِهِ أُوقِيَّةً , وَخُذْ بَعِيرَكَ. فَهُمَا لَكَ، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ , لَمْ يَكُنْ عَلَى التَّبَايُعِ. فَلَوْ ثَبَتَ أَنَّ الِاشْتِرَاطَ لِلرُّكُوبِ , كَانَ فِي أَصْلِهِ بَعْدَ ثُبُوتِ هَذِهِ الْعِلَّةِ , لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةٌ , لِأَنَّ الْمُشْتَرَطَ فِيهِ ذَلِكَ الشَّرْطُ , لَمْ يَكُنْ بَيْعًا. وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ مَلَكَ الْبَعِيرَ عَلَى جَابِرٍ , فَكَانَ اشْتِرَاطُ جَابِرٍ لِلرُّكُوبِ , اشْتِرَاطًا فِيمَا هُوَ لَهُ مَالِكٌ. فَلَيْسَ فِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى حُكْمِ ذَلِكَ الشَّرْطِ , لَوْ وَقَعَ فِي بَيْعٍ يُوجِبُ الْمِلْكَ لِلْمُشْتَرِي كَيْفَ كَانَ حُكْمُهُ؟ وَذَهَبَ الَّذِينَ أَبْطَلُوا الشَّرْطَ فِي ذَلِكَ , وَجَوَّزُوا الْبَيْعَ إِلَى حَدِيثِ بَرِيرَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>