للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٧٩٤ - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ أَبِي عِمْرَانَ، يُحَدِّثُ عَنْ حَنَشٍ، عَنْ فَضَالَةَ، قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ بِقِلَادَةٍ , فِيهَا خَرَزٌ مُعَلَّقَةٌ بِذَهَبٍ , ابْتَاعَهَا رَجُلٌ بِسَبْعٍ أَوْ بِتِسْعٍ. فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: «لَا , حَتَّى تُمَيِّزَ مَا بَيْنَهُمَا» . فَقَالَ: إِنَّمَا أَرَدْتُ الْحِجَارَةَ فَقَالَ: «لَا , حَتَّى تُمَيِّزَ بَيْنَهُمَا» , فَرَدَّهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْقِلَادَةَ إِذَا كَانَتْ كَمَا ذَكَرْنَا لَمْ يَجُزْ أَنْ تُبَاعَ بِالذَّهَبِ , لِأَنَّ ذَلِكَ الثَّمَنَ , وَهُوَ ذَهَبٌ , يُقْسَمُ عَلَى قِيمَةِ الْخَرَزِ , وَعَلَى الذَّهَبِ , فَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَبِيعًا , بِمَا أَصَابَهُ مِنَ الثَّمَنِ , كَالْعَرْضَيْنِ يُبَاعَانِ بِذَهَبٍ , فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَبِيعٌ بِمَا أَصَابَ قِيمَتَهُ , مِنْ ذَلِكَ الذَّهَبِ. قَالُوا: فَلَمَّا كَانَ مَا يُصِيبُ الذَّهَبُ , الَّذِي فِي الْقِلَادَةِ , إِنَّمَا يُصِيبُهُ بِالْخَرَزِ , وَالظَّنِّ , وَكَانَ الذَّهَبُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ بِالذَّهَبِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ , لَمْ يَجُزِ الْبَيْعُ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ ثَمَنَ الذَّهَبِ الَّذِي فِي الْقِلَادَةِ مِثْلُ وَزْنِهِ مِنَ الذَّهَبِ , الَّذِي اشْتُرِيَتْ بِهِ الْقِلَادَةُ. وَلَا يَعْلَمُ بِقِسْمَةِ الثَّمَنِ , إِنَّمَا يَعْلَمُ بِأَنْ يَكُونَ عَلَى حِدَةٍ , بَعْدَ الْوُقُوفِ عَلَى وَزْنِهِ , وَذَلِكَ غَيْرُ مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ إِلَّا بَعْدَ أَنْ يُفْصَلَ مِنَ الْقِلَادَةِ. قَالُوا: فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ هَذِهِ الْقِلَادَةِ بِالذَّهَبِ , إِلَّا بَعْدَ أَنْ يُفْصَلَ ذَهَبَهَا مِنْهَا , لِمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ , عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِمَا احْتَجَجْنَا بِهِ مِنَ النَّظَرِ. وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ فَقَالُوا: إِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْقِلَادَةُ , لَا يُعْلَمُ مِقْدَارُ ذَهَبِهَا , أَهُوَ مِثْلُ وَزْنِ جَمِيعِ الثَّمَنِ , أَوْ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ , أَوْ أَكْثَرُ , إِلَّا بِأَنْ تُفْصَلَ الْقِلَادَةُ , فَيُوزَنُ ذَلِكَ الذَّهَبُ الَّذِي فِيهَا , فَيُوقَفُ عَلَى زِنَتِهِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا بِذَهَبٍ إِلَّا بَعْدَ أَنْ يُفْصَلَ ذَهَبُهَا مِنْهَا , فَيُعْلَمَ أَنَّهُ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ. وَإِنْ كَانَتِ الْقِلَادَةُ يُحِيطُ الْعِلْمُ بِوَزْنِ مَا فِيهَا مِنَ الذَّهَبِ , وَيُعْلَمُ أَنَّهُ أَقَلُّ مِنَ الذَّهَبِ الَّذِي بِيعَتْ بِهِ أَوْ لَا يُحِيطُ الْعِلْمُ بِوَزْنِهِ إِلَّا أَنَّهُ يَعْلَمُ فِي الْحَقِيقَةِ أَقَلُّ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي بِيعَتْ بِهِ الْقِلَادَةُ , وَهُوَ ذَهَبٌ , فَالْبَيْعُ جَائِزٌ. ⦗٧٣⦘ وَذَلِكَ أَنَّهُ يَكُونُ ذَهَبُهَا , بِمِثْلِ وَزْنِهِ مِنَ الذَّهَبِ الثَّمَنَ , وَيَكُونُ مَا فِيهَا مِنَ الْخَرَزِ , بِمَا بَقِيَ مِنَ الثَّمَنِ , وَلَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي الْعُرُوضِ الْمَبِيعَةِ بِالثَّمَنِ الْوَاحِدِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ , أَنَّا رَأَيْنَا الذَّهَبَ , لَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ بِذَهَبٍ مِثْلًا بِمِثْلٍ , وَرَأَيْنَاهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي دِينَارَيْنِ , أَحَدُهُمَا فِي الْجَوْدَةِ أَفْضَلُ مِنَ الْآخَرِ , بِيعَا , صَفْقَةً وَاحِدَةً , بِدِينَارَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الْجَوْدَةِ , أَوْ بِذَهَبٍ غَيْرِ مَضْرُوبٍ جَيِّدٍ , أَنَّ الْبَيْعَ جَائِزٌ. فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مَرْدُودٌ إِلَى حُكْمِ الْقِيمَةِ , كَمَا تُرَدُّ الْعُرُوضُ مِنْ غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ , إِذَا بِيعَتْ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ , إِذًا لَفَسَدَ الْبَيْعُ , لِأَنَّ الدِّينَارَ الرَّدِيءَ , يُصِيبُهُ أَقَلُّ مِنْ وَزْنِهِ إِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الدِّينَارِ الْآخَرِ. فَلَمَّا أُجْمِعَ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ الْبَيْعِ , وَكَانَتِ السُّنَّةُ قَدْ ثَبَتَتْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ الذَّهَبَ , تِبْرَهُ وَعَيْنَهُ سَوَاءٌ , ثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ حُكْمَ الذَّهَبِ فِي الْبَيْعِ إِذَا كَانَ بِذَهَبٍ عَلَى غَيْرِ الْقِسْمَةِ عَلَى الْقِيَمِ , وَأَنَّهُ مَخْصُوصٌ فِي ذَلِكَ بِحُكْمٍ , دُونَ حُكْمِ سَائِرِ الْعُرُوضِ الْمَبِيعَةِ صَفْقَةً وَاحِدَةً , وَإِنَّمَا يُصِيبُهُ مِنَ الثَّمَنِ وَزْنُهُ , لَا مَا يُصِيبُ قِيمَتَهُ. فَهَذَا هُوَ مَا يَشْهَدُ لِهَذَا الْقَوْلِ مِنَ النَّظَرِ. وَقَدِ اضْطَرَبَ عَلَيْنَا حَدِيثُ فَضَالَةَ , الَّذِي ذَكَرْنَا , فَرَوَاهُ قَوْمٌ , عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ , وَرَوَاهُ آخَرُونَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>