٦١٦١ - حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ الْقِتْبَانِيِّ عَنْ عِيسَى بْنِ هِلَالٍ الصَّدَفِيِّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلٍ: «أُمِرْتُ بِيَوْمِ الْأَضْحَى عِيدٍ جَعَلَهُ اللهُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ» . فَقَالَ الرَّجُلُ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ أَجِدْ إِلَّا مَنِيحَةَ ابْنِي أَفَأُضَحِّي بِهَا. قَالَ: «لَا وَلَكِنَّكَ تَأْخُذُ مِنْ شَعْرِكَ وَأَظْفَارِكَ وَتَقُصُّ شَارِبَكَ وَتَحْلِقُ عَانَتَكَ فَذَلِكَ تَمَامُ أُضْحِيَّتِكَ عِنْدَ اللهِ» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَلَمَّا قَالَ هَذَا الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللهِ أُضَحِّي بِمَنِيحَةِ ابْنِي؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا» . وَقَدْ أَمَرَهُ أَنْ يُضَحِّيَ مِنْ مَالِهِ وَحَضَّهُ عَلَيْهِ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ حُكْمَ مَالِ ابْنِهِ خِلَافُ مَالِهِ. ⦗١٦٠⦘ مَعَ أَنَّ أَوْلَى الْأَشْيَاءِ بِنَا حَمْلُ هَذِهِ الْآثَارِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى لِأَنَّ كِتَابَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: ١١] ثُمَّ قَالَ {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ} [النساء: ١١] . فَوَرَّثَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ غَيْرَ الْوَلَدِ مَعَ الْوَالِدِ مِنْ مَالِ الِابْنِ فَاسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ لِلْأَبِ فِي حَيَاةِ الِابْنِ ثُمَّ يَصِيرُ بَعْضُهُ لِغَيْرِ الْأَبِ. قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: ١١] فَجَعَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمَوَارِيثَ لِلْوَالِدِ وَغَيْرِهِ بَعْدَ قَضَاءِ دَيْنٍ إِنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ وَبَعْدَ إِنْفَاذِ وَصَايَاهُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ. وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ الْأَبَ لَا يَقْضِي مِنْ مَالِهِ دَيْنَ ابْنِهِ وَلَا يُنَفِّذُ وَصَايَا أَبِيهِ مِنْ مَالِهِ فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا. وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ الِابْنَ إِذَا مَلَكَ مَمْلُوكَةً حَلَّ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا وَهِيَ مِمَّنْ أَبَاحَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ وَطْأَهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون: ٦] فَلَوْ كَانَ مَالُهُ لِأَبِيهِ إِذًا لَحُرُمَ عَلَيْهِ وَطْءُ مَا كَسَبَ مِنَ الْجَوَارِي كَحُرْمَةِ وَطْءِ جِوَارِي أَبِيهِ عَلَيْهِ. فَدَلَّ ذَلِكَ أَيْضًا عَلَى انْتِفَاءِ مِلْكِ الْأَبِ لِمَالِ الِابْنِ وَأَنَّ مِلْكَ الِابْنِ فِيهِ ثَابِتٌ دُونَ أَبِيهِ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمُ اللهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute