٦٢٢١ - فَإِذَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: ثنا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ: ثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ عَلَيَّ نَاقَةً وَقَدْ غَرَبَتْ عَنِّي، فَقَالَ: «اشْتَرِ سَبْعًا مِنَ الْغَنَمِ» ⦗١٧٦⦘ أَفَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّمَا عَدَلَهَا بِسَبْعٍ مِنَ الْغَنَمِ , مِمَّا يُجْزِئُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ عَنْ رَجُلٍ , وَلَمْ يَعْدِلْهَا بِعَشْرٍ مِنَ الْغَنَمِ. فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى تَصْحِيحِ مَا رَوَى جَابِرٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ , لَا مَا رَوَى الْمِسْوَرُ , فَهَذَا وَجْهُ هَذَا الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ الْآثَارِ. وَأَمَّا وَجْهُ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ , فَإِنَّا قَدْ رَأَيْنَاهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ الْبَقَرَةَ لَا تُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ , عَنْ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ وَهِيَ مِنَ الْبُدُنِ بِاتِّفَاقِهِمْ. فَالنَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ النَّاقَةُ مِثْلَهَا , وَلَا تُجْزِئُ عَنْ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّ النَّاقَةَ وَإِنْ كَانَتْ بَدَنَةً كَمَا أَنَّ الْبَقَرَةَ بَدَنَةٌ , فَإِنَّ النَّاقَةَ أَعْلَى مِنَ الْبَقَرَةِ فِي السَّمَانَةِ وَالرِّفْعَةِ. قِيلَ لَهُ: إِنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ كَمَا ذَكَرْتَ , فَإِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ وَاجِبٍ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا حُجَّةٌ. أَلَا تَرَى أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا الْبَقَرَةَ الْوُسْطَى , تُجْزِئُ عَنْ سَبْعَةٍ وَكَذَلِكَ مَا هُوَ دُونَهَا , وَمَا هُوَ أَرْفَعُ مِنْهَا. وَكَذَلِكَ النَّاقَةُ تُجْزِئُ عَنْ سَبْعَةٍ , أَوْ عَنْ عَشْرَةٍ , رَفِيعَةً كَانَتْ أَوْ دُونَ ذَلِكَ. فَلَمْ يَكُنِ السِّمَنُ وَالرِّفْعَةُ , مِمَّا يُمَيَّزُ بِهِ بَعْضُ الْبَقَرِ عَنْ بَعْضٍ , وَلَا بَعْضُ الْإِبِلِ عَنْ بَعْضٍ , فِيمَا تُجْزِئُ فِي الْهَدْيِ وَالْأَضَاحِيِّ. بَلْ كَانَ حُكْمُ ذَلِكَ كُلِّهِ حُكْمًا وَاحِدًا يُجْزِئُ عَنْ عَدَدٍ وَاحِدٍ. فَلَمَّا كَانَ مَا ذَكَرْنَا كَذَلِكَ , وَكَانَتِ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ بُدُنًا كُلَّهَا , ثَبَتَ أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمٌ وَاحِدٌ , وَأَنَّ بَعْضَهَا لَا يُجْزِئُ أَكْثَرَ مِمَّا يُجْزِئُ عَنْهُ الْبَعْضُ الْبَاقِي , وَإِنْ زَادَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ فِي السِّمَنِ وَالرِّفْعَةِ. فَلَمَّا كَانَتِ الْبَقَرَةُ لَا تُجْزِئُ عَنْ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ , كَانَتِ النَّاقَةُ أَيْضًا كَذَلِكَ فِي النَّظَرِ لَا تُجْزِئُ عَنْ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ , قِيَاسًا وَنَظَرًا , عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute