٦٤٠٨ - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: ثنا النُّفَيْلِيُّ، قَالَ: ثنا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: ثنا عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَجُلٍ، قَالَ: حَسِبْتُهُ مِنَ الْأَنْصَارِ , أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جِنَازَةٍ , فَلَقِيَهُ رَسُولُ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ يَدْعُوهُ إِلَى طَعَامٍ , فَجَلَسْنَا مَجَالِسَ الْغِلْمَانِ مِنْ آبَائِهِمْ فَفَطِنَ آبَاؤُنَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي يَدِهِ أَكْلَةٌ فَقَالَ: «إِنَّ هَذَا لَحْمُ شَاةٍ» , يُخْبِرُنِي أَنَّهَا أُخِذَتْ بِغَيْرِ حِلِّهَا. فَقَامَتِ الْمَرْأَةُ , فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ , لَمْ تَزَلْ تُعْجِبُنِي أَنْ تَأْكُلَ فِي بَيْتِي , وَإِنِّي أَرْسَلْتُ إِلَى الْبَقِيعِ , فَلَمْ تُوجَدْ فِيهِ شَاةٌ , وَكَانَ أَخِي اشْتَرَى شَاةً بِالْأَمْسِ , فَأَرْسَلْتُ بِهَا إِلَى أَهْلِهِ بِالثَّمَنِ , فَقَالَ «أَطْعِمُوهَا الْأَسَارَى» فَتَنَزَّهَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِهَا , وَلَمْ يَأْمُرْ بِطَرْحِهَا , بَلْ أَمَرَهُمْ بِالصَّدَقَةِ بِهَا , إِذْ أَمَرَهُمْ أَنْ يُطْعِمُوهَا الْأَسَارَى. فَهَذَا حُكْمُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اللَّحْمِ الْحَلَالِ , إِذَا غُصِبَ فَاسْتُهْلِكَ. فَلَوْ كَانَتْ لُحُومُ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ حَلَالًا عِنْدَهُ , لَأَمَرَ فِيهَا لَمَّا انْتُهِبَتْ , بِمِثْلِ مَا أَمَرَ بِهِ فِي هَذِهِ الشَّاةِ لَمَّا غُصِبَتْ. وَلَكِنَّهُ إِنَّمَا أَمَرَ فِي لَحْمِ تِلْكَ الْحُمُرِ لَمَّا أَمَرَ بِهِ , لِمَعْنًى خِلَافِ الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أَمَرَ فِي لَحْمِ هَذِهِ الشَّاةِ بِمَا أَمَرَ بِهِ. ⦗٢٠٩⦘ أَلَا يَرَى أَنَّ رَجُلًا لَوْ غَصَبَ رَجُلًا شَاةً فَذَبَحَهَا , وَطَبَخَ لَحْمَهَا , أَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِطَرْحِ ذَلِكَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ فَكَذَلِكَ لَحْمُ الْأَهْلِيَّةِ الْمَذْبُوحَةِ بِخَيْبَرَ , لَوْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا نَهَى عَنْهَا مِنْ أَجْلِ النُّهْبَةِ الَّتِي حُكْمُهَا حُكْمُ الْغَصْبِ إِذًا لَمَا أَمَرَهُمْ بِطَرْحِ ذَلِكَ اللَّحْمِ , وَلَأَمَرَهُمْ فِيهِ بِمِثْلِ مَا يُؤْمَرُ بِهِ مَنْ غَصَبَ شَاةً , فَذَبَحَهَا , وَطَبَخَ لَحْمَهَا. فَلَمَّا انْتَفَى أَنْ يَكُونَ نَهْيُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ , لِمَعْنًى مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي الَّتِي ادَّعَاهَا الَّذِينَ أَبَاحُوا لَحْمَهَا , ثَبَتَ أَنَّ نَهْيَهُ ذَلِكَ عَنْهَا , كَانَ لَهَا فِي نَفْسِهَا , كَالنَّهْيِ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ , فَكَانَ ذَلِكَ النَّهْيُ لَهُ فِي نَفْسِهِ , فَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ خِلَافُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ
فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ: " لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَأْتِيهِ الْأَمْرُ مِنْ أَمْرِي فَيَقُولُ: بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللهِ , فَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ , وَمَا وَجَدْنَا مِنْ حَلَالٍ أَحْلَلْنَاهُ , أَلَا وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَهُوَ مِثْلُ مَا حَرَّمَ اللهُ "