للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٥٩٨ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ , فَذَكَرُوا الرَّجُلَ يَجْلِسُ عَلَى الْخَلَاءِ , فَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ , فَكَرِهُوا ذَلِكَ فَحَدَّثَ عِرَاكُ بْنُ مَالِكٍ , عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ , عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ ذَلِكَ ذُكِرَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَوَ قَدْ فَعَلُوهَا؟ حَوِّلُوا مَقْعَدَتِي إِلَى الْقِبْلَةِ» ⦗٢٣٥⦘ فَكَانَتْ هَذِهِ الْآثَارُ حُجَّةً لِأَهْلِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ , عَلَى أَهْلِ الْمَقَالَةِ الْأُولَى , وَمُوجِبَةَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ لِأَنَّ فِي هَذِهِ الْآثَارِ تَأْخِيرَ الْإِبَاحَةِ عَنِ النَّهْيِ , عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ , فَهِيَ نَاسِخَةٌ لِلْآثَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ. وَقَدْ خَالَفَ قَوْمٌ فِي الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا , فَقَالُوا: بَلْ نَقُولُ: إِنَّ هَذِهِ الْآثَارَ كُلَّهَا لَا يَنْسَخُ شَيْءٌ مِنْهَا شَيْئًا. وَذَلِكَ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ الْحَارِثِ أَخْبَرَ فِي حَدِيثِهِ , أَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْ ذَلِكَ. قَالَ: وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ حَدَّثَ النَّاسَ بِذَلِكَ. فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ النَّهْيُ لَمْ يَقَعْ عَلَى الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ فِي جَمِيعِ الْأَمَاكِنِ , وَوَقَعَ عَلَى خَاصٍّ مِنْهَا , وَهِيَ الصَّحَارَى. ثُمَّ جَاءَ أَبُو أَيُّوبَ , فَكَانَتْ حِكَايَتُهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ النَّهْيُ خَاصَّةً , فَذَلِكَ يَحْتَمِلُ مَا احْتَمَلَهُ حَدِيثُ ابْنِ جَزْءٍ عَلَى مَا فَسَّرْنَاهُ , وَكَرَاهَةُ الِاسْتِقْبَالِ فِي الْكَرَابِيسِ الْمَذْكُورِ فِيهِ , فَهُوَ عَنْ رَأْيِهِ , وَلَمْ يَحْكِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَدْ يَجُوزُ الِاسْتِقْبَالُ إِلَى أَنْ يَكُونَ سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا سَمِعَ , فَعَلِمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ بِهِ الصَّحَارَى , ثُمَّ حَكَمَ هُوَ لِلْبُيُوتِ بِرَأْيِهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ الْبُيُوتَ وَالصَّحَارَى , إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَيِّنُ لَنَا أَنَّهُ أَرَادَ أَحَدَ الْمَعْنَيَيْنِ دُونَ الْآخَرِ. وَحَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ , عَنْ سَلْمَانَ , وَحَدِيثُ مَعْقِلِ بْنِ أَبِي مَعْقِلٍ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ , مِمَّا فِيهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا. ثُمَّ عُدْنَا إِلَى مَا رَوَيْنَاهُ فِي الْإِبَاحَةِ , فَإِذَا ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ. فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى إِبَاحَتِهِ لِاسْتِدْبَارِ الْقِبْلَةِ لِلْغَائِطِ أَوِ الْبَوْلِ , فِي الصَّحَارَى وَالْبُيُوتِ. وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى الْإِبَاحَةِ لِذَلِكَ فِي الْبُيُوتِ خَاصَّةً فَكَانَ أَرَادَ بِهِ , فِيمَا رُوِيَ عَنْهُ فِي النَّهْيِ عَلَى الصَّحَارَى خَاصَّةً. فَأَوْلَى بِنَا أَنْ نَجْعَلَ هَذَا الْحَدِيثَ زَائِدًا عَلَى الْأَحَادِيثِ الْأُوَلِ , غَيْرَ مُخَالِفٍ لَهَا , فَيَكُونُ هَذَا عَلَى الْبُيُوتِ , وَتِلْكَ الْأَحَادِيثُ الْأُوَلُ عَلَى الصَّحَارَى , وَهَذَا قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ

٦٥٩٩ - حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّهُ سَمِعَ مَالِكًا يَقُولُ , ذَلِكَ. ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ , فَفِيهِ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبُولُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ. فَقَدْ يَكُونُ رَآهُ حَيْثُ رَآهُ ابْنُ عُمَرَ , فَيَكُونُ مَعْنَى حَدِيثِهِ , وَحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ سَوَاءً. ⦗٢٣٦⦘ أَوْ يَكُونُ رَآهُ فِي صَحْرَاءَ , فَيُخَالِفُ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ , وَيَنْسَخُ الْأَحَادِيثَ الْأُوَلَ , فَهُوَ عِنْدَنَا غَيْرُ نَاسِخٍ لَهَا , حَتَّى يُعْلَمَ يَقِينًا أَنَّهُ قَدْ نَسَخَهَا. وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ , فَفِيهِ النَّهْيُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارِهَا , لِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ , وَلَمْ يُبَيِّنْ مَكَانًا. فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ أَيْضًا عَلَى مَا فَسَّرْنَا وَبَيَّنَّا مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ , فَلَا حُجَّةَ فِيهِ أَيْضًا تُوجِبُ مُضَادَّةَ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ , وَأَبِي قَتَادَةَ. قَالَ جَابِرٌ فِي حَدِيثِهِ: ثُمَّ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبُولُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ. فَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْبَوْلُ كَانَ فِي الْمَكَانِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ نَهْيُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَوَّلِ وَقَعَ عَلَيْهِ , فَلَمْ نَعْلَمْ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْآثَارِ , نَسَخَ شَيْئًا مِنْهَا شَيْءٌ. ثُمَّ عُدْنَا إِلَى حَدِيثِ عِرَاكٍ فَفِيهِ أَنَّهُ ذُكِرَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ نَاسًا يَكْرَهُونَ اسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ بِفُرُوجِهِمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَوِّلُوا مَقْعَدَتِي مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ. فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَنْكَرَ قَوْلَهُمْ , لِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْأَمَاكِنِ , فَأَمَرَ بِتَحْوِيلِ مَقْعَدَتِهِ نَحْوَ الْقِبْلَةِ , لِيَرُدَّ عَلَيْهِمْ , وَلِيُعْلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ نَهْيُهُ عَلَى ذَلِكَ , وَإِنَّمَا وَقَعَ النَّهْيُ عَلَى اسْتِقْبَالِهَا فِي مَكَانٍ دُونَ مَكَانِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِذَلِكَ نَسْخَ النَّهْيِ الْأَوَّلِ فِي الْأَمَاكِنِ كُلِّهَا , لِأَنَّ النَّهْيَ كَانَ قَدْ وَقَعَ فِي الْآثَارِ الْأُوَلِ عَنْ ذَلِكَ , فَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ أَيْضًا عَلَى نَسْخٍ وَلَا غَيْرِهِ. فَلَمَّا كَانَ حُكْمُ هَذِهِ الْآثَارِ كَذَلِكَ , كَانَ أَوْلَى بِنَا أَنْ نُصَحِّحَهَا كُلَّهَا. فَنَجْعَلَ مَا فِيهِ النَّهْيُ مِنْهَا عَلَى الصَّحَارَى , وَمَا فِيهِ الْإِبَاحَةُ عَلَى الْبُيُوتِ , حَتَّى لَا تَضَادَّ مِنْهَا شَيْءٌ وَقَدْ

٦٦٠٠ - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ , قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ , قَالَ: ثنا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ثنا يُونُسُ , قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ , عَنْ حَاتِمٍ , عَنْ عِيسَى بْنِ أَبِي عِيسَى الْخَيَّاطِ ح

٦٦٠١ - وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى , قَالَ: ثنا عِيسَى , عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنِ اخْتِلَافِ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ فَقَالَ الشَّعْبِيُّ: «صَدَقَا وَاللهِ , أَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ , فَعَلَى الصَّحَارَى , إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ , فَلَا تَسْتَقْبِلُوهُمْ , وَإِنَّ حُشُوشَكُمْ هَذِهِ , لَا قِبْلَةَ فِيهَا» فَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى يُحْمَلُ هَذِهِ الْآثَارُ حَتَّى لَا يَتَضَادَّ مِنْهَا شَيْءٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>