٧٠٧٥ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: ثنا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُنْ مَعَ صَاحِبِ الْبَلَاءِ , تَوَاضُعًا لِرَبِّكَ , وَإِيمَانًا» فَقَدْ نَفَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَدْوَى , فِي هَذِهِ الْآثَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا , وَقَدْ قَالَ فَمَنْ أَعْدَى الْأَوَّلَ. أَيْ: لَوْ كَانَ إِنَّمَا أَصَابَ الثَّانِي لِمَا أَعْدَاهُ الْأَوَّلُ , إِذًا , لَمَا أَصَابَ الْأَوَّلَ شَيْءٌ , لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَا يُعْدِيهِ. وَلَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ مَا أَصَابَ الْأَوَّلَ , إِنَّمَا كَانَ بِقَدَرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ , كَانَ مَا أَصَابَ الثَّانِي , كَذَلِكَ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ , فَنَجْعَلُ هَذَا مُضَادًّا , لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ كَمَا جَعَلَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ قُلْتُ: لَا , وَلَكِنْ يُجْعَلُ قَوْلُهُ لَا عَدْوَى كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفْيُ الْعَدْوَى أَنْ يَكُونَ أَبَدًا , وَيُجْعَلُ قَوْلُهُ لَا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ عَلَى الْخَوْفِ مِنْهُ أَنْ يُورَدَ عَلَيْهِ فَيُصِيبَهُ بِقَدَرِ اللهِ مَا أَصَابَ الْأَوَّلَ , فَيَقُولُ النَّاسُ أَعْدَاهُ الْأَوَّلُ. فَكُرِهَ إِيرَادُ الْمُصِحِّ عَلَى الْمُمْرِضِ , خَوْفَ هَذَا الْقَوْلِ. وَقَدْ رَوَيْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ فِي هَذِهِ الْآثَارِ أَيْضًا وَضْعَهُ يَدَ الْمَجْذُومِ فِي الْقَصْعَةِ. فَدَلَّ فِعْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْضًا عَلَى نَفْيِ الْإِعْدَاءِ , لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْإِعْدَاءُ مِمَّا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إِذًا , لَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يُخَافُ ذَلِكَ مِنْهُ , لِأَنَّ فِي ذَلِكَ جَرَّ التَّلَفِ إِلَيْهِ وَقَدْ نَهَى الله عَزَّ وَجَلَّ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ وَمَرَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَدَفٍ مَائِلٍ فَأَسْرَعَ , فَإِذَا كَانَ يُسْرِعُ مِنَ الْهَدَفِ الْمَائِلِ , مَخَافَةَ الْمَوْتِ , فَكَيْفَ يَجُوزُ عَلَيْهِ أَنْ يَفْعَلَ مَا يُخَافُ مِنْهُ الْإِعْدَاءُ؟ , وَقَدْ ذُكِرَ فِيمَا تَقَدَّمَ عَنْ هَذَا الْبَابِ أَيْضًا , مَعْنَى مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الطَّاعُونِ , فِي نَهْيِهِ عَنِ الْهُبُوطِ عَلَيْهِ , وَفِي نَهْيِهِ عَنِ الْخُرُوجِ مِنْهُ , وَأَنَّ نَهْيَهُ عَنِ الْهُبُوطِ عَلَيْهِ خَوْفًا أَنْ يَكُونَ قَدْ سَبَقَ فِي عِلْمِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُمْ إِذَا هَبَطُوا عَلَيْهِ أَصَابَهُمْ فَيَهْبِطُونَ فَيُصِيبَهُمْ فَيَقُولُونَ أَصَابَنَا , لِأَنَّا هَبَطْنَا عَلَيْهِ وَلَوْلَا أَنَّا هَبَطْنَا عَلَيْهِ لَمَا أَصَابَنَا وَأَنَّ نَهْيَهُ عَنِ الْخُرُوجِ مِنْهُ , لِئَلَّا يَخْرُجَ فَيَسْلَمَ , فَيَقُولُ: سَلِمْتُ لِأَنِّي خَرَجْتُ , وَلَوْلَا أَنِّي خَرَجْتُ , لَمْ أَسْلَمْ. فَلَمَّا كَانَ النَّهْيُ عَنِ الْخُرُوجِ عَنِ الطَّاعُونِ , وَعَنِ الْهُبُوطِ عَلَيْهِ , بِمَعْنًى وَاحِدٍ , وَهُوَ الطِّيَرَةُ , لَا الْإِعْدَاءُ , كَانَ كَذَلِكَ قَوْلُهُ لَا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ هُوَ الطِّيَرَةُ أَيْضًا , لَا الْإِعْدَاءُ. فَنَهَاهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ كُلِّهَا , عَنِ الْأَسْبَابِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا يَتَطَيَّرُونَ. وَفِي حَدِيثِ أُسَامَةَ الَّذِي رَوَيْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَهُوَ بِهَا , فَلَا يُخْرِجُهُ الْفِرَارُ مِنْهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يُخْرَجَ مِنْهَا , لَا عَنِ الْفِرَارِ مِنْهُ. ⦗٣١١⦘ وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا