٧٢٠٥ - فَإِذَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ ثنا شُعْبَةُ عَنِ الْجُرَيْرِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا نَضْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى الْأَنْصَارِ قَالَ: «كَانَ عُمَرُ لَا يَدَعُ سَامِرًا بَعْدَ الْعِشَاءِ , يَقُولُ ارْجِعُوا , لَعَلَّ اللهَ يَرْزُقُكُمْ صَلَاةً أَوْ تَهَجُّدًا. فَانْتَهَى إِلَيْنَا , وَأَنَا قَاعِدٌ مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ , وَأَبِي ذَرٍّ فَقَالَ مَا يُقْعِدُكُمْ؟ قُلْنَا أَرَدْنَا أَنْ نَذْكُرَ اللهَ , فَقَعَدَ مَعَهُمْ» ⦗٣٣١⦘ فَهَذَا عُمَرُ , قَدْ كَانَ يَنْهَاهُمْ عَنِ السَّمَرِ بَعْدَ الْعِشَاءِ , لِيَرْجِعُوا إِلَى بُيُوتِهِمْ , لِيُصَلُّوا , أَوْ لِيَنَامُوا نَوْمًا , ثُمَّ يَقُومُونَ لِصَلَاةٍ , يَكُونُونَ بِذَلِكَ مُتَهَجِّدِينَ. فَلَمَّا سَأَلَهُمْ: مَا الَّذِي أَقْعَدَهُمْ؟ فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُ ذِكْرُ اللهِ، لَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَقَعَدَ مَعَهُمْ , لِأَنَّ مَا كَانَ يُقِيمُهُمْ لَهُ هُوَ الَّذِي هُمْ قُعُودٌ لَهُ. فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ السَّمَرَ الَّذِي فِي حَدِيثِ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعُمَرَ , حَبَّبَاهُ إِلَيْهِمْ , هُوَ الَّذِي فِيهِ قُرْبَةٌ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَالنَّهْيُ عَنْهُ فِي حَدِيثِ أَبِي بَرْزَةَ هُوَ: مَا لَا قُرْبَةَ فِيهِ لِيَسْتَوِيَ مَعَانِي هَذِهِ الْآثَارِ , لِتَتَّفِقَ , وَلَا تَتَضَادَّ. وَقَدْ رَوَيْنَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ , وَالْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ أَنَّهُمَا سَمَرَا إِلَى طُلُوعِ الثُّرَيَّا. فَذَلِكَ، عِنْدَنَا، عَلَى السَّمَرِ الَّذِي هُوَ قُرْبَةٌ , إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ الْحَدِيثَ بِإِسْنَادِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ , مِنْ كِتَابِنَا هَذَا. وَقَدْ رُوِيَ , عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَيْضًا مِنْ طَرِيقٍ لَيْسَ مِثْلُهُ يَثْبُتُ , أَنَّهَا قَالَتْ: «لَا سَمَرَ إِلَّا لِمُصَلٍّ , أَوْ مُسَافِرٍ» ، فَذَلِكَ عِنْدَنَا , إِنْ ثَبَتَ عَنْهَا غَيْرُ مُخَالِفٍ لِمَا رَوَيْنَا , وَذَلِكَ أَنَّ الْمُسَافِرَ يَحْتَاجُ إِلَى مَا يَدْفَعُ النَّوْمَ عَنْهُ لِيَسِيرَ , فَأُبِيحَ بِذَلِكَ السَّمَرُ , وَإِنْ كَانَ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ , مَا لَمْ تَكُنْ مَعْصِيَةً , لِاحْتِيَاجِهِ إِلَى ذَلِكَ. فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهَا لَا سَمَرَ إِلَّا لِمُسَافِرٍ. وَأَمَّا قَوْلُهَا أَوْ مُصَلٍّ فَمَعْنَاهُ، عِنْدَنَا، عَلَى الْمُصَلِّي بَعْدَمَا يَسْمُرُ , فَيَكُونُ نَوْمُهُ إِذَا نَامَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الصَّلَاةِ , لَا عَلَى السَّمَرِ. فَقَدْ عَادَ هَذَا الْمَعْنَى إِلَى الْمَعْنَى الَّذِي صَرَفْنَا إِلَيْهِ مَعَانِي الْآثَارِ الْأُوَلِ , وَاللهُ أَعْلَمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute