بسم الله الرحمن الرحيم
وحسبنا الله ونعم الوكيل
الحمد لله على إحسانه العميم، وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد القديم، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله المبعوث بالدين القويم، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أكمل تسليم.
وبعد: فقد جمعت في الخصال المستوجية لظل العرش جزءا حافلا، تتبعت فيه الأحاديث الواردة في ذلك، وأوردتها بأسانيدها، وبينت حال الإسناد ورجاله، واستوعبت شواهد كل حديث وخصاله، فحوى من الفوائد الجمة، ما لا مزيد عليه في الجملة، ووصلت فيه الخصال المذكورة سبعين خصلة.
وقد أوردت تلخيصها هنا، لمن يرغب في الإسناد، وهم أكثر عجزة العصر، فأقتصر على متن الحديث وصحابيه، ومخرجيه، وبيان حاله صحة وضعفا، وأشير إلى بقية الطرق المصرحة بالإظلال، بقولي: وله شاهد عن فلان، وسميته: " بزوغ الهلال في الخصال الموجبة للظلال ".
والله أسأل التوفيق والهداية إلى سواء الطريق.
[الكلام على السبع الأول المشهورة]
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سبعة يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله عز وجل، ورجل قلبه معلق بالمسجد، إذا خرج منه حتى يعود إليه، ورجلان تحابا في الله، فاجتمعا على ذلك وافترقا عليه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عينه، ورجل عته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة، فأخفاها، حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه.
أخرجه الشيخان والنسائي والترمذي ومالك في ومالك في " الموطأ ".
وفي الباب عن أبي سعيد الخدري وسلمان الفارسي.
وفي خصلة التحاب عن أبي هريرة أيضا، ومعاذ بن جبل والعرباض بن سارية وأبي الدرداء وغيرهم رضي الله تعالى عنهم.
وفي خصلة الصدقة عن عقبة بن عامر وعبد الرحمن ابن سمرة.
قال أبو شامة:
وَقالَ النَّبِيِّ المُصطَفى إِنَّ سَبعَةً ... يَظِلُّهُم اللَهُ العَظيم بِظِلِّه
مُحِبٌ عَفيفٌ ناشِيء مُتَصَدِّق ... وَباكٍ مُصَلِّ وَالإِمامُ بِعَدلِه
[الكلام على السبعة الثانية]
التي زادها شيخ الإسلام حافظ العصر أبو الفضل ابن حجر رحمه الله تعالى آمين. آمين ١أعن أبي اليَسَر رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أنظر معسراً، أو وضع عنه، أظله الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله. حديث صحيح، أخرجه عبد بن حميد في مسنده وأحمد هكذا، وابن ماجة بمعناه، ومسلم بقصة طويلة.
وعن أبي قتادة رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من نفس عن غريمه، أو محى عنه، كان في ظل العرش يوم القيامة.
حديث صحيح، أخرجه الدارمي في مسنده هكذا، وأحمد مطولا.
وفي الباب: عن أبي هريرة وعثمان بن عفان وشداد بن أوس وجابر وكعب بن عجرة وأبي الدرداء وأسعد بن زرارة ورجل لم يسم وعائشة.
وعن سهل بن حنيف رضي الله تعالى عنه وعنهم أجمعين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أعان مجاهدا في سبيل الله، أو غارما في عسرته، أو مكاتبا في رقبته، أظله الله تعالى في ظله، يوم لا ظل إلا ظله.
حديث حسن، أخرجه عبد وأحمد والحاكم.
وعن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أظل رأس غاز، أظله الله يوم القيامة.
حديث حسن، أخرج أبو يعلي وأحمد وابن ماجة وابن حبان.
وفي إسناده الوليد بن أبي الوليد مدني، أثنى عليه أبو داود خيرا، ولينه ابن جرير، وقد أخرج هذا الحديث في تهذيب الآثار.
وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبعة في ظل العرش، يوم لا ظل إلا ظله: رجل ذكر الله، ففاضت عيناه، ورجل قلبه معلق بالمساجد من شدة حبه إياها، ورجل يحب عبدا، لا يحبه إلا لله، وإمام مقسط في رعيته، ورجل يعطي الصدقة بيمينه، يكاد يخفيها عن شماله، ورجل عرضت عليه امرأة نفسها ذات منصب وجمال، فتركها الجلال الله، ورجل كان في سرية مع قوم، فلقوا العدو، فانكشفوا، فحمى آثارهم، حتى نجوا ونجا أو استشهد.
رويناه في جزء بيبى وتاريخ ابن عساكر.
قال حافظ العصر ابن حجر: