للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعطيل، والظاهر المتبادر إلى أذهان المشبِّهين منفيٌ عن الله، فإن الله لا يشبهه شيءٌ من خلقه، و {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: ١١] ، بل الأمر كما قال الأئمة منهم نُعيم بن حماد الخزاعي شيخ البخاري قال: من شَبَّه الله بخلقه كفر، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر.

وليس في ما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيه، فمن أثبت لله تعالى ما وردت به الآيات الصريحة والأخبار الصحيحة، على الوجه الذي يليق بجلال الله، ونفى عن الله تعالى النقائص فقد سلك سبيل الهدى. انتهى.

وَقَالَ فَي سُورَةِِ الرَّعْدِِ: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الرعد: ٢] . وَقَالَ فِي سُورَةِ طَهَ: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اْستَوَى} [طه: ٥] . وَقَالَ فِي سُورَةِ الْفُرْقَانِ: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ} [الفرقان: ٥٩] . وَقَالَ فِي سُورَةِ آلم السَّجْدَةِ: {اللَّهُ الَّذِي خلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا في سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [السجدة: ٤] . وَقَالَ فِي سُورَةِ الْحَدِيدِ: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الحديد: ٤] .

وقال البغوي: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} قال الكلبي ومقاتل: استقر، وقال أبو عبيدة: صعد، وأوَّلت المعتزلة الاستواءَ بالاستيلاء، فأمَّا أهل السنة فيقولون: الاستواء على العرش صفة لله تعالى بلا كيف يجب على الرجل الإيمان به، ويكل العلم فيه إلى الله عز وجل.

وسأل رجلٌ مالكَ بن أنس عن قوله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} كيف استوى؟ فأطرق رأسه مليّاً وعلاه الرحضاء (١) ثم قال: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أظنك إلا ضالاًّ، فأمر به فأخرج.


(١) أي: يكلون العلم بكيفية ذلك، أمَّا العلم بمعنى الصفة نفسها فكما قال مالك رحمه الله: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول.

<<  <   >  >>