ويروى أن هشام بن عبد الملك لما احتضر نظر إلى حشمه ولحمته يبكون، ففتح عينيه فاطلع في وجوههم ثم قال: جاد عليكم هشام بالدنيا، وجدتم عليه بالبكاء، وترك لكم ما خلف وتركتم عليه ما اكتسب! ما أسوأ حال هشام إن لم يغفر الله له! ولما احتضر معاوية أقبل على ابنة قرظة فقال: بكيني، فقالت: الهزج
ألا أبكيه ألا أبكيه ... ألا كلّ الفتى فيه
ثم قال لابنتيه: قلباني. فجعلتا تقلبانه لجنب بعد جنب فقال: إنكما لتقلبانه حولاً قلباً إن وفي كبة النار. ثم أنشد: الكامل
لا يبعدنّ ربيعة بن مكدّمٍ ... وسقى الغوادي قبره بذنوب
ثم قال ليزيد: إذا أنا قضيت فأحسن غسلي، واجعل في آخره مسكاً وكافوراً، وأحسن الصلاة علي ثم ادفني في لحدي ودعني وربي. فلما بلغ ابن عباس موته قال: الكامل
جبلٌ تصدّع ثمّ مال بجمعه ... في البحر لا رتقت عليه الأبحر
[وصية الربيع بن خثيم]
وروى إسرائيل عن يونس بن أبي إسحاق السبيعي عن سعيد بن مسروق الثوري عن منذر بن يعلى الثوري قال: أوصى الربيع بن خثيم: هذا ما أوصى الربيع بن خثيم: شهد أن لا إله إلا الله وكفى بالله شهيداً، وجازياً لعباده الصالحين ومثيباً. إني رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً، وبالقرآن إماماً. وإني أوصي نفسي ومن أطاعني أن يعبد الله في العابدين، ويحمده في الحامدين، وينصح لجماعة المسلمين.