قال أبو العباس: ونذكر وصايا يؤثر بعضها عن أهل الدين وبعضها عن أهل الآداب والطبائع المحمودة. وقد تجتر إلى أنفسها غير ذلك من سائر الوصايا. ثم نعود إن شاء الله تعالى إلى التعازي بالمنثور والموصوف. وبالله الحول والقوة، ونشوبه بشيء من الاعتبار:
[وصية أبي بكر الصديق]
[رحمه الله]
قال فطر بن خليفة عن عبد الرحمن بن سابط قال: أوصى أبو بكر الصديق عمر بن الخطاب رحمه الله حين استخلفه فقال: إني مستخلفك، وأوصيك بتقوى الله يا عمر، إن لله عملاً بالليل لا يقبله بالنهار، وعملاً بالنهار لا يقبله بالليل. واعلم أنه لا تقبل نافلة حتى تؤدى الفريضة وأنه إنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة باتباعهم الحق. ويحق لميزان لا يوضع فيه إلا الحق أن يكون ثقيلاً. وإنما خفت موازين من خفت موازينه يوم القيامة باتباعهم الباطل في الدنيا. ويحق لميزان لا يوضع فيه إلا الباطل أن يكون خفيفاً.
إن الله جل ذكره ذكر أهل الجنة بحسن أعمالهم، وتجاوز عن سيئاتهم، فإذا ذكرتهم فقل إني لأخاف ألا أكون من هؤلاء. وذكر أهل النار بسوء أعمالهم، فإذا ذكرتهم فقل إني لأرجو ألا أكون من هؤلاء. وذكر آية الرحمة مع آية العذاب ليكون العبد راغباً راهباً لا يتمنى على على الله غير الحق، ولا يلقي بيده إلى التهلكة. فإن حفظت وصيتي فلا يكونن غائب أحب إليك من الموت ولست بمعجزه.