للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يا أمير المؤمنين، والله لله خير لها منك، ولثواب الله خير لك منها. وإن أحق ما صبر عليه ما لم يقدر على دفعه. فكان هذا أول ما تسلى به، وأذن للناس.

وقال جويرية بن أسماء: اشتكى ابن لعبد الله بن عمر بن الخطاب، فجزع عليه. فلما مات لم يظهر منه مثل ما كان يظهر في مرضه. فقيل له في ذلك فقال: كان ذلك مني رحمةً له ورقة، فلما وقع القضاء رضيت وسلمت.

وقال أبو الحسن: أصبح رجل من بني نهشل وقد موتت له عدة أباعر وشاء، فقال: لئن كانت المنية باتت تطيف بي ثم أصبحت، وقد زالت عني إلى شاتي وبعيري، ثم جزعت إني لجزوع ثم قال: مجزوء الكامل

المرء يسعى سادراً ... حتّى يقال له تعاله

وتحدث أبو الحسن المدائني، أو غيره، عن أبان بن تغلب النحوي قال: شهدت امرأةً من الأعراب وبين يديها ابن لها رجل وهو يجود بنفسه وعندها جماعة من قومها. فلما قضى وثبت إليه فغمضته وعصبته وترحمت عليه ثم تنحت إلى مجلسها فقالت: يا أبان، ما أحق من ألبس النعمة وأطيلت به النظرة ألا يعجز عن التوثق لنفسه من قبل حل عقدته والحلول بعقوته والحيالة بينه وبين نفسه. قال: فقال رجل من الأعراب ممن حضرها: إنا لم نزل نسمع أنما الجزع للنساء، فوأبيك لقد كرم صبرك، وما أشبهت للنساء؟! فقالت: ما ميز إنسان بين صبر وجزع إلا وجد بينهما منهجين بعيدي التفاوت في حالتيهما.

<<  <   >  >>