للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقبل النقلة إلى دراسة منهج الكتاب، أرى من الماسب أن أعرض لامر اختلفت فيه عبارات من ذكر " الكاشف "، وهو: هل " الكاشف " مختصر من " تهذيب الكمال " مباشرة، أو من " تذهيب تذهيب الكمال ".

قال المصنف رحمه الله في عنوان الكتاب: " كتاب الكاشف ي معرفة م له رواية في الكتب الستة.

اقتضبه محمد بن أحمد بن عثمان ابن الذهبي من تهذيب الكمال ".

ثم قال في مقدمته: " هذا مختصر نافع ... متضب من تهذيب الكمال ".

ومن هنا قال الحافظ في مقدمة " تهذيبه " ١: ٣ وهو يثني على " تهذيب الكمال ": " هو الذي الذي وفق بين اسم الكتاب ومسماه ... ، ولكن قصت الهمم عن تحصيله لطوله، فاقتصر بعض الناس على الكشف من " الكاشف " الذي اختصره منه الحافظ أبو عبد الله الذهبي ".

أما غيره من العلماء فكلامهم متجه إلى أن " الكاشف " مختصر من " تذهيب التهذيب ".

قال ذلك الصلاح الصفدي في " الوافي " ٢: ١٦٤ - على احتمال فيه - والتاج السبكي في " طبقاته الكبرى " ٩: ١٠٤، وابن العماد في " شذرات الذهب " ٦: ١٥٥، والبرهان سبط ابن العجمي في مقدمة " نهاية السول، ولفظه المقصود منه: " كتاب التذهيب للحافظ أبي عبد الله الذهبي ... ، وكتاب " الكاشف " مختصره ... ".

ومنهم السيوطي - رحمهم الله جميعا - في " ذيل تذكرة الفاظ " ص ٣٤٨ قال وهو يعدد مصنفات الذهبي: " ومختصر " تهذيب الكمال " و " الكاشف " مختصر ذلك ".

فهؤلاء خمسة من العلماء السابقين يقولون: إن " الكاشف " مختصر من " التذهيب ".

والامر أبسط من أن يحتاج إلى عرض المشكلة ثم حلها، فهو أيسر من ذلك، غاية ما في الامر أن

المصنف قال: إنه مقتضب من " تهذيب الكمال " باعتبار الاصل الاول، ومن قال: إنه مقتضب من " تذهيبه " فقد لا حظ الواقع والتسلسل الصنيفي، فكتاب المزي أصل الكتابين، وهما مختصارن منه، " الكاشف " جاء اختصارا ثانيا بعد " التذهيب " فهو فرع عنه.

وقد لا حظت في أكثر من موضع أن الوهم يحصل للمصنففي الكتابين معا، فكنتأعلق على هذه الظاهرة بان المصنف استخرج " الكاشف " واستخلصه من " التذهيب "

١) .

وقد جزم الدكتور بشار عواد في كتابه عن " الذهبي " ص ٢٢٨، ومقدمة " تهذيب الكمال " ص ٥٤ بان " الكاشف " مختصر من كتاب المزي، ووهم من قال خلاف ذلك، محتجا بقول الذهبي الذي قدمته، وب " أن " الكاشف " اقتصر على رجال الستة، في حين كان " التذهيب " كاصله، قد شمل رجال الكتب الستة وغيرها من التواليف ".

قلت: أما احتجاجه بتصريح الذهبي: فلا خلاف فيه، وأما احتجاجه بان " الكاشف " اقتصر على رجال الست،، وأن " التذهيب " فيه زيادة، وبناء على هذا فلا يصح أن يكون الكاشف " مختصرا من " التذهيب ": فكلام غريب! إذا كان هذا الفارق بين الكتابين سببا لا ستبعاد اختصار الاول من الثاني، فينبغي أن يستبعد أكثر وأكثر اختصار " الكاشف " من " تهذيب الكمال " والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>