ولكن مما لا بد منه تحت هذا العنوان - بعض فوائده -: التنبيه إلى عدد يسير من فوائده العابرة مما تحتمله ذه الدراسة، وأثر منها عددا ما يجده المتتبع في التعليقات تصريحا أو إشارة.
ومن المعلوم: أن المترصد لحاجة ما يعتبرها فائدة غالية عليه حينما يقف عليها، في حين أن القارئ غير المترصد لها يمر بها وهو لا يشعر لها بقيمة، فما أذكره، وما لا أذكره - لكني أقدر أنه فائدة - قد لا يروق عند قارئ آخر ولا يراه فائدة.
فهي أمور نسبية.
فمن فوائده: ١ - تنبيهه إلى عدد من الرواة قد روى لهم مسلم في " صحيحة " وفيهم كلام وجرح: أن مسلما روى لهم متابعة، وهؤلاء يتسامح معهم في الرواية بما لا يتسامح في الرواية عنهم في الاصول.
فمنهم سليمان بن قرم، وصالح بن رستم الخزاز، وعبد العزيز بن المطلب بن حنطب، ولم ينبه المزي ولا بان حجر إلى شئ من هذا.
٢ - وترجم المزي لعروة المزني الذي بروي عن عائشة رضي الله عنها، ورمز له: دت ق، وتبعه المصنف في " التهذيب " ٣: ١٤١ / آ، وابن حجر في كتابيه: " التهذيب " و " التقريب "، لكنه اقتصر هنا على: دت، وهو الصواب، ذلك أنه جاء في رواية ابن ماجه ١: ١٦٨
٥٠٢- منسوبا: عروة بن الزبير، والمزني غيره.
واستمرارا على هذا الستنبه والدقة، فانه لم يترجم لعروة بن الزبير في كتابه " المجرد "، لانه لا ينفق مع شرطه فيه، ولا لعروة المزني، لانه ليس له ذكر فيه.
٣ - وقال في ترجمة ممطور الحبشي: " روى عنه الاوزاعي، وما أراه لقيه، وقال أبو مسهر: سمع من عبادة بن الصامت، وغالب راياته مرسلة، ولذا ما أخرج له البخاري ".
أما قوله عن الاوزاعي: " ما أراه لقيه ": فمن فوائد هذا الكتاب النادرة.
وأما كلمة أبي مسهر: فمن زيادات المصنف في " تذهيبه " ٤: ٦٩ / آ، وليست عند المزي ولا ابن حجر.
وأما قوله: " غالب رواياته مرسلة ": فيلتقي من حيث الجملة بما في التهذيبين، لكن أفادنا بتعليله " لذا ما أخرج له البخاري ": ما هو سبب إعراض البخاري عن الرواية له، وأفادنا أن البخاري قد يعرض عن حديث الرجل لا لعلة ذاتية، بل لامر خارجي عن ذاته، لا يؤثر فيه جرحا وضعفا، إذ الاكثار من الروايات
المرسلة لا يؤثر في عدالة الرجل ولا في ضبطه.
٤ - وقال في ترجمة صلة بن زفر العبسي أحد شيوخ أيوب السختياني: " قيل: توفي زمن مصعب، فعلى هذا لم يلقه أيوب ".
وها التنبيه من فوائد الكتاب النادرة أيضا.
إلى أمثلة أخرى يجدها المتتبع للكتاب.
ومما شاع على ألسته أهل العلم: لا يغني كتاب عن كتاب.
* * *