الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مُضِلّ له؛ ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد: فإن الله - تعالى - بعث محمداً صلّى الله عليه وسلّم بالهدى ودين الحق؛ رحمة للعالمين، وقدوة للعاملين، وحجّة على العباد أجمعين؛ فأدى الأمانة، وبلّغ الرسالة، ونصح الأمة، وبيّن للناس جميع ما يحتاجون إليه في أصول دينهم وفروعه، فلم يدع خيراً إلا بيّنه وحثّ عليه، ولم يترك شرًّا إلا حذّر الأمة عنه، حتى ترك أمته على المحجّة البيضاء، ليلها كنهارها، فسار عليها أصحابه نيّرة مضيئة، وتلقاها عنهم كذلك القرون المفضلة، حتى تجهم الجو بظلمات البدع المتنوعة التي كاد بها مبتدعوها الإسلام وأهله، وصاروا يتخبطون فيها خبط عشواء، ويبنون معتقداتهم على نسج العنكبوت. والربّ - تعالى - يحمي دينه بأوليائه الذين وهبهم من الإيمان، والعلم، والحكمة ما به