[الباب الثاني عشر في الجمع بين نصوص علو الله بذاته ومعيته]
قبل أن نذكر الجمع بينهما نُحبّ أن نقدّم قاعدة نافعة أشار إليها المؤلف شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في كتابه "العقل والنقل"(١/٤٣، ٤٤) وخلاصتها:
أنه إذا قيل بالتعارض بين دليلين، فإما أن يكونا قطعيين، أو ظنيين، أو أحدهما قطعيًّا، والآخر ظنيًّا. فهذه ثلاثة أقسام:
الأول - القطعيّان: وهما ما يقطع العقل بثبوت مدلولهما، فالتعارض بينهما محال؛ لأن القول بجواز تعارضهما يستلزم إما وجوب ارتفاع أحدهما وهو محال؛ لأن القطعي واجب الثبوت، وإما ثبوت كل منهما مع التعارض وهو محال أيضاً؛ لأنه جمع بين النقيضين.
فإن ظن التعارض بينهما فإما: أن لا يكونا قطعيين، وإما أن لا يكون بينهما تعارض، بحيث يُحمل أحدهما على وجه، والثاني على وجه آخر، ولا يرد على ذلك ما يثبت نسخه من نصوص الكتاب والسنة القطعية؛ لأن الدليل المنسوخ غير قائم، فلا معارض للناسخ.