تقدم دليل وجوبها وصحتها في البابين: الثالث والرابع.
والفرق بين هاتين الطائفتين، أن الأولى تقول بالتشبيه، والثانية تنكره.
فإن قال المشبه في علم الله ونزوله ويده - مثلاً -: أنا لا أعقل من العلم والنزول، واليد إلا مثل ما يكون للمخلوق من ذلك. فجوابه من وجوه:
الأول - أن العقل، والسمع قد دلّ كل منهما على مباينة الخالق للمخلوق في جميع صفاته، فصفات الخالق تليق به، وصفات المخلوق تليق به، فمن أدلة السمع على مباينة الخالق للمخلوق قوله تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى: ١١] ، وقوله:{أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ}[النحل: ١٧] . ومن أدلة العقل أن يقال: كيف يكون الخالق الكامل من جميع الوجوه، الذي الكمال من لوازم ذاته، وهو معطي الكمال مشابهاً للمخلوق الناقص، الذي النقص من لوازم ذاته، وهو مفتقر إلى من يكمله؟!
الثاني - أن يُقال له: ألست تعقل لله ذاتاً لا تشبه ذات المخلوقين؟ فسيقول: بلى! فيقال له: فلتعقل إذن أن لله صفاتٍ لا تشبه صفات المخلوقين؛ فإن القول في الصفات كالقول في الذات، ومن فرق بينهما فقد تناقض.