للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وثبوت ضده له، وهو العلو.

وأما الفطرة: فإن الله تعالى فطر الخلق كلهم: العرب، والعجم حتى البهائم على الإيمان به وبعلوّه، فما من عبد يتوجه إلى ربه بدعاء أو عبادة إلا وجد من نفسه ضرورة بطلب العلو، وارتفاع قلبه إلى السماء لا يلتفت إلى غيره يميناً، ولا شمالاً، ولا ينصرف عن مقتضى هذه الفطرة إلا من اجتالته الشياطين والأهواء.

وكان أبو المعالي الجويني يقول في مجلسه (١) : "كان الله ولا شيء وهو الآن على ما كان عليه"؛ (يُعرّض بإنكار استواء الله على عرشه) ، فقال أبو جعفر الهمداني: "دعنا من ذكر العرش - أيْ: لأنه ثبت بالسمع - وأخبرنا عن هذه الضرورة التي نجدها في قلوبنا، ما قال عارف قطّ: يا الله! إلا وجد من قلبه ضرورة بطلب العلو، لا يلتفت يمنة، ولا يسرة، فكيف ندفع هذه الضرورة من قلوبنا؟ ".

فصرخ أبو المعالي ولطم رأسه، وقال: "حيرني الهمداني، حيرني الهمداني".

فهذه الأدلة الخمسة كلها تطابقت على إثبات علو الله بذاته فوق خلقه.


(١) -انظر: "السير" (١٨/٤٧٥) .

<<  <   >  >>