ومعنى قوله:"محتوٍ على الملك"؛ أنه محيط بالملك تبارك وتعالى.
فإن قيل: إذا نفيتم أن يكون شيء من مخلوقات الله محيطاً به، فما الجواب عما أثبته الله لنفسه في كتابه، وعلى لسان نبيه صلّى الله عليه وسلّم، وأجمع عليه المسلمون من أن الله سبحانه في السماء؟
فالجواب: إن كون الله في السماء لا يقتضي أن السماء تُحيط به، ومن قال ذلك فهو ضالّ، إن قاله من عنده، وكاذب أو مخطئ، إن نسبه إلى غيره؛ فإن كل من عرف عظمة الله تعالى وإحاطته بكل شيء، وأن الأرض جميعاً قبضته يوم القيامة، وأنه يطوي السماء كطيّ السجل للكتب، فإنه لن يخطر بباله أن شيئاً من مخلوقاته يمكن أن يُحيط به سبحانه وتعالى.
وعلى هذا فيخرج كونه في السماء على أحد معنيين:
الأول - أن يراد بالسماء العلو، فيكون المعنى: أن الله في العلو؛ أي: في جهة العلو، والسماء بمعنى العلو ثابت في القرآن. قال الله تعالى:{وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً}[الأنفال: ١١] ؛ أي: من العلو لا من السماء نفسها؛ لأن المطر ينزل من السحاب.
الثاني - أن تجعل "في" بمعنى "على" فيكون المعنى: أن الله على السماء، وقد جاءت "في" بمعنى: "على" في مواضع كثيرة من القرآن وغيره. قال الله تعالى:{فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ}[التوبة: ٢] ؛ - أي: على الأرض -.